وفي حكم البويهيين أصبحت هذه القبة كعبة الزوار ، ومنذ ذلك العهد أخذت الأسر العلمية الشيعية في الكوفة تنتقل إلى الغري وتقطنها (١). أما مقبرة النجف «وادي السلام» فمقدسة كمقبرة وادي الصفاء بكربلاء. وللنجف خريطة متقنة وضعها نيبوهرNiebuhr فأفادتني كثيرا في أيام إقامتي بالنجف من ١١ ـ ١٧ آذار ١٩٠٨. وإليك وصف محلاتها الأربع حسب ملاحظاتي حينذاك :
١ ـ محلة حقيرة تسكنها عشيرة الشمرت تسمى المشراق ، في الشمال بين باب البحر القديم (واليوم يسمى بباب الثلمة وباب الصغير).
__________________
لزيارة قبر جده (الأسترابادي ص ١٨٣ ، وابن عمير ، وقد رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج المجلد ٢ ص ٤٥ ـ ٤٦). وأما القول بأن قبر المغيرة يوجد في هذا المحل ليس إلا ضرب من الازدراء والهزل من قبل خصوم الشيعة : ـ وبما أن تعيين قبر علي الحقيقي جاء متأخرا ، فلذلك كانت الآراء متباينة في موضع قبره قبل ذاك ، فزعموا بأنه دفن في الكوفة نفسها (في إحدى زوايا الجامع على رحبة القصر بالقرب من أبواب كندة) على رأي أبي مخنف ، أو في حجرة بدار أخته أم هاني أرملة هبيرة المخزومي ، أم تحت دار عبد الله القسري (الذي صار فيما بعد واليا على الكوفة) مقابل القصر من جهة الجنوب ، أو في الكناسة ، أو في الثوية (وفي الحقيقة دفن المغيرة هنا وبعد زياد) أو في صحراء طيء (رواية أبي القاسم البلخي ـ ٣١٧ ه ، ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج المجلد (١) ص ٣٦٤) وقد ذكر أحد شعراء النصارى البلحارثيين بأن جثمان علي كان قد نقل إلى القرية المسيحية «نجران» وهي القرية التي عمرها نصارى اليمن الذين أجليوا عن أوطانهم) وكانت تقع بين الكوفة وواسط (ياقوت المجلد (٤) ص ٧٥٧)(ـ نهربان بين خفان وجنبلا) ـ وراجع حديث البكتاشية حول نشور علي وظهوره متلثما على جمل وقيادته جنازته بنفسه.
(١) والنجف إحدى دور العلم الأربع للشيعة ، وتلقب أيضا ب (مرجع التقليد).