الحسن [بن] حامد بن الحسين النيسابوري ، حدّثني هاشم قال : كنت كثيرا ما أسمع أبا مسهر يقول :
كما أضحك الدهر |
|
كذاك الدهر يبكيك |
قال : فما مضت الأيام حتى حمل في الامتحان وهو يبكي ويقول : مأسور والله.
قال : وحدّثني أبو الدحداح ، نا الحسن (١) بن حامد قال :
وكان من قصة المأمون وأبي مسهر فيما حدّثني عبد الرّحمن.
أن عبد الله بن هارون المسمّى بالمأمون ورد دمشق على عامله بها إسحاق بن يحيى بن معاذ ، وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين ، بحمل (٢) أبي المسهر عبد الأعلى بن مسهر الغسّاني ليتولّى المأمون محنته.
قال عبد الرّحمن : فحدّثني محمود بن خالد أنه ودّع أبا مسهر محمولا إلى المأمون ، قال : فرأيته قد رقّ وأحسبه قال : وبكى ، قال : فسمعته يقول : ما هو إلّا القتل ، أو الكفر.
قال عبد الرّحمن : ثم توجه محمولا ، فصار إلى المأمون بالرقّة ، قال : فأدخل على المأمون ، فامتحنه في القرآن ، فالتوى أبو مسهر بين يديه لم يلقه بالتي يستحل بها دمه ، ولم يلقه بإعطاء ما يوجب عليه الكفر ، فقال له المأمون : أعلي تلغز؟ عليّ بالسيف ، فلما أحضر السيف ارتعد الشيخ وقاربه فيما أراد منه ، فأمر به فأحدر إلى العراق ، وأكرمه إسحاق بن إبراهيم أمير بغداد ، [و](٣) تكلم أبو مسهر بالعراق فيما بلغني بشيء حمده أهل الحديث ، ثم مات بها محمودا مشكورا.
قال أبو الحسين : أظن أن عبد الرحمن هذا هو أبو زرعة الدمشقي.
قال : وحدّثني أبو الدحداح ، نا الحسن بن حامد ، حدّثني أبو محمّد قال : سمعت أصبغ.
وكان مع أبي مسهر هو وابن أبي النجاء خرجا معه يخدمانه ويواسيانه (٤) ـ.
فحدّثني أصبغ أنه أدخل ـ ـ يعني : أبا مسهر ـ على المأمون بالرقّة ، وقد ضرب رقبة رجل وهو مطروح بين يديه ، فأوقف أبو مسهر بين يديه في تلك الحالة فامتحنه فلم يجبه ، فأمر
__________________
(١) بالأصل هنا : «الحسين» وقد مرّ صوابا قريبا.
(٢) بالأصل : فحمل.
(٣) للإيضاح.
(٤) المطبوعة : ويؤنسانه.