والفرق بين «إنَّ» و «أنَّ» هو أنَّ المكسورة مع ما في حيّزها جملةٌ ، والمفتوحة مع ما في حيّزها مفرد ، ولذا تحتاج إلى فعل أو اسم قبلها حتى تكون كلاما ، تقول : علمتُ أَنَّ زيدا فاضل ، وحَقٌّ أنَّ زيدا ذاهب.
ولا يجوز تقديم الخبر على الاسم في هذا الباب كما جاز في «كان» ؛ إلا إذا وقع ظرفا نحو : إنَّ في الدار زيدا ، وإن أمامك راكبا. وفي التنزيل : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً» (١) ، (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ)(٢) ، (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً)(٣). ويُبطل عملَها الكفُّ والتخفيف ؛ وحينئذ كانت (٤) داخلة على الأسماء والأفعال. قال تعالى : «أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» (٥) ، (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(٦) ، وإنْ زيدٌ لذاهبٌ ، وإنْ كان زيدٌ لكريما.
والفعل الذي تدخل عليه «إنْ» المخففة يجب أن يكون مما يدخل على المبتدأ والخبر ، واللام لازمة لخبرها ، وهي التي تسمى الفارقة ؛ لأنها تَفْرُق بينها وبين إنْ النافية.
«ومن الداخلة على الجملة» : «لا» لنفي الجنس ، تنصِب المنفيَّ إذا كان مضافا أو مضارِعا له ، وإذا كان مفردا فهو مفتوح ، والخبر في جميع الأحوال مرفوع. تقول : لا غلامَ رجلٍ كائنٌ عندنا ، ولا خيرا من زيد جالسٌ عندنا ، ولا رجلَ أفضلُ منك. ومنه كلمة الشهادة (٧).
__________________
(١) آل عمران : ١٣ ، والنور : ٤٤ ، والنازعات : ٢٦.
(٢) الغاشية ٢٥.
(٣) المزمل : ١٢.
(٤) ع : تكون.
(٥) الكهف : ١١٠ ، والأنبياء : ١٠٨ ، وفصلت : ٦. وفي ع ، ط : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، من سورة النساء ١٧١.
(٦) المائدة ٢٧ : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ، قالَ : إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
(٧) أي : لا إله إلا الله.