الشكر وتساعفه. أحببت أن أهدي إليه هدية فائقة تكون من سوق [فضائله نافقة](١) فلم أجد إلا العلم الذي شغفه حبّا والحكم التي لم يزل لها صبا. والأدب الذي اتخذه كسبا ورأيت فإذا التصانيف من كل فن لا تحصى. والأمالي من سطور العلماء وطروس (٢) الحكماء أوسع دائرة من أن تستقصى ، إلا أن التأنق من التحبير من قبيل إبراز الحقائق في الصور ولكل جديد لذة ولا خلاف من ذلك عند أهل النظر رحمهمالله تعالى.
ما كان من حمل اليراع بكاتب |
|
خطا يباري بهجة وبيانا |
أخذ العصا بالكف ليس بمعجز |
|
الشأن من تحويلها ثعبانا |
وكان يقال : الوضع وضعان : وضع له افتخار ووضع له تجار.
وحسن التأليف مواهب |
|
وللناس مما يعشقون مذاهب |
ومعلوم أن الجنون فنون |
|
وكل حزب بما لديهم فرحون |
وقد يلام الغني من الشيء يصنعه |
|
وليس يلحقه لوم إذا تركه |
هذا مع اعترافي بأني من فنون الذوق قليل البضاعة ومن شجون الشوق كليل الصناعة ولكن دأبي التقاط درر العبارات من حياض العلماء وديدني أخذ غرر الإشارات من عياض الحكماء فهو لسان إخوان الصفاء لا لساني وبيان خلان الوفاء لا بياني.
كمن يجد وليس له بعير |
|
ومن يرعى وليس له سوام |
ومن يسقى وقهوته شراب |
|
ومن يدعو الضيوف [ولا](٣) حكام |
وبالجملة فإن المرء ما بين هاج ومادح ومنتصر وقادح :
على أنني لم أخل من حاسد ومن |
|
عدو ولكني له باسط العذرى |
وهذه بنات فكر عاجز وبينات ذهن بينه وبين المعاني حاجز قد ترهبت إما من الكساد [فليست](٤) من المداد مستحّا أو من الوجل فجاءت تمشي على استحياء صفحّا وقد أطاع القول على هذا العذر المنصوص. وأبت كؤوس المعاني إلا أن ترقص بما فيها رقص القلوص.
سقوني وقالوا لا تغني ولو سقوا |
|
جبال حنين ما سقوني لفنت |
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) التطريس : تسويد الباب وإعادة الكتابة على المكتوب. انظر / القاموس المحيط (٢ / ٢٢٦).
(٣) ثبت في ب [وليس].
(٤) ثبت في أ [فلبست] بالموحدة التحتية.