ووجه الثاني : أن الإرسال صورة الانطراح ، بل الموت المشار إليه بموتوا قبل أن تموتوا. فحقيقة الحركات والسكنات لله الواحد القهار. [وبملاحظة](١) ذلك يكون الإرسال أولى ، وهو سنة أهل البيت فتأمله.
مسألة : يسن للزائر أن يقصد الروضة المطهرة مع الوقار والافتقار فيصلي تحية المسجد ، بمصلاة عليه [الصلاة](٢) السلام وهو المحراب النبوي ويسجد للشكر على نعمة الوصول إلى هذا المقام. ثم يقصد القبر المكرم نحو الرأس الشريف كما هو المأثور عن أهل البيت. مع أن فيه إيثار الأشراف فهو [اللائق](٣) بالأدب ولأنه عليه [الصلاة](٤) والسلام «لما فرع من دفن إبراهيم قال عند رأسه : «السلام عليكم» وهو ظاهر في أن السلام من جهة الرأس ويختم بوقوفه عند القبر الشريف عند نهاية الصفة مما يلي القبلة بصف [اسطوانة](٥) التوبة. إذ هو موقف السلف فيدعو ويصلي ويسلم.
وعن المجد اللغوي : السلام عليه صلىاللهعليهوسلم عند قبره أفضل من الصلاة للأخبار الواردة(٦).
وينبغي بعد زيارة اللقاء أن يجمع بين الصلاة والتسليم وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «لا ينبغي الصلاة من أحد إلا على النبي صلىاللهعليهوسلم».
__________________
(١) في ب [وملاحظة].
(٢) سقط من أ.
(٣) في ب [الأليق].
(٤) سقط من أ.
(٥) في ب [اسطوان].
(٦) قال الإمام أحمد في رواية عبد الله بن يزيد بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا «ما من أحد يسلم عليّ عند قبري إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليهالسلام» ، ويروى عن العتبي قال : كنت جالسا عند قبر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعّا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه |
|
فطاب من طيبهم القاع والأكم |
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه |
|
فيه العفاف وفيه الجود والكرم |
ثم انصرف الأعرابي فحملتني عيني فنمت فرأيت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في النوم فقال : يا عتبى إلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له. وروى البيهقي عن نافع أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه. انظر / شرح المهذب (٨ / ٢٧٢). المغني لموفق الدين (٣ / ٥٨٨ ـ ٥٨٩).