الأصدقاء الكرد. قال محمد آغا : «إن افتقارنا للأمن في ممتلكاتنا هو أصل دمار المملكة ، ونحن أبناء العشائر إذا لم نتأكد من تملكنا مقاطعاتنا ، لا نكرس أنفسنا مطلقا إلى الزراعة ، ولا يكون للمملكة نصيب من الازدهار. ومثال ذلك لم أبذر طغارا من البذور وأنا غير متأكد من أن رئيسي سيبقى في سدّة الحكم ، وأني مالك مقاطعتي حتى موسم الحصاد على الأقل؟ فبدلا من أن أفعل ذلك أسمح للقرويين أن يفلحوا مقاطعتي كما يروق لهم فاستوفي منهم حصتي وهي «الزكاة» ، أو العشر علاوة على ما أتمكن من الحصول عليه منهم بأي وسيلة وأي حجة كانت ...».
كان عبد الرحمن باشا يصبو في وقت ما إلى أن يجعل جراية بلاده إلى الباب العالي ، على أن يكون مستقلا عن أي باشا مجاور ، وكان راغبا في أن يدفع إلى العاصمة نقدا وبصورة منتظمة أي جراية سنوية قد يطلبها الباب العالي ، على أن يتبع أوامر السلطان دون غيره ، وأن لا يكون عرضة للعزل أو الإقصاء أو التدخل بالشؤون الداخلية لمنطقته إلا في حالة العصيان ؛ ولكن هذه أمور لم يتمكن الباشا من القيام بها قط. فعند عصيان سليمان الصغير ، باشا بغداد ، على الباب العالي عرض رئيس أفندي المرسل من استانبول لإقصائه ، على عبد الرحمن باشا حكم بغداد ولكن الرجل رفض شرف توليه المنصب بإباء رفض الرشيد الحكيم قائلا : «حقّا إنني بذلك ، سأصبح وزيرا من الدرجة الأولى ، غير أن جرعة واحدة من ماء ثلوج جبال بلادي تساوي في قيمتها عندي رتب الإمبراطورية بكاملها. هذا وبانتقالي إلى بغداد سيزداد نصيبي من نعم الحياة ، ولكنها ستؤدي أخيرا إلى دمار العائلة البابانية».
وذهبت بعد الظهر لزيارة عثمان بك ، وكانت هيئة خدمه ممتازة حقّا. وكانت داره كدارنا إلا أنها أفضل ترتيبا ومشيدة فوق سهوة أعلى نسبيّا. وما كان عثمان بك ليقل منزلة بتوالي المقابلات ، وقد وجدته رجلا طيب المعشر إلى حد بعيد. لقد سألني أسئلة معقولة ، كما أجاب