وقد أعددت وعمر آغا منهجا للذهاب إلى ذلك المحل واستكشافه على أن نستصحب معنا ما نحتاج إليه لاستمرارنا في العمل مدة أربعة أو خمسة أيام إذا اقتضى الأمر وجبل ده لو هذا يحتوي على الكبريت والنفط والشب والملح وعلى عين ماء حامض أصفر اللون.
قضيت المساء مع عثمان بك ، وقد هيأ جوقة موسيقية لتسليتي ، أما أفراد هذه الجوقة فقد كانوا فنانين لا «بخل ولا بخمر» ـ كما يقول المثل ـ وهم مغنون بغداديون من الطبقة الثانية ، إلا أنني تحدثت مع عثمان بك حديثا طليّا.
وكان أحد رؤساء عشائر الجاف حاضرا فأتيحت لي فرصة لأوجه إليه أسئلة تتعلق بالحكم بين العشائر وبتنظيماتها ، فقيل لي إن لكيخسرو بك ، وهو رئيس الجاف بكاملهم ، أن يقتل أو يعاقب وفق رغبته ، وليس لديه مجلس استشاري كما أنه ليس من الضروري له أن يستشير أي فرد من شيوخ العشيرة (١) وإذا طلب منه الباشا مقدارا من المال أو جماعة من المحاربين استدعى رؤساء ال (تيره) أو الأفخاذ وقسم الطلب عليهم بالتساوي فيسير هؤلاء على الطريقة نفسها مع الرجال المقدمين من أفخاذهم. وقيل لي أيضا إن عشيرة الجاف ما كانت تأخذ بنصيبها من إدارة شؤون كردستان إلى أن حل عهد عبد الرحمن باشا.
__________________
ـ وأنه بنى أهرام مصر وحكم قوما خلقوا من نار ، ولذلك أبى أن يطيع الإنسان الذي لم يخلق إلا من التراب كما جاء في القرآن.
ويعتقد المسلمون أن أولئك القوم ملأوا الدنيا وحكموها مدة (٠٠٠ ، ٢) سنة قبل أن يخلق آدم وأنهم بعد رفضهم إطاعته طردوا إلى بقعة من الأرض نائية تسمى جبل قاف ، وحكم عليهم بالبقاء هناك جزاء عصيانهم ـ راجع مقدمة ترجمة القرآن ل (سه ل) الصفحة ٩٥. وراجع كتاب «المكتبة الشرقية» لمؤلفه ديربي لو ، الصفحة ٣٩٦ و ٨٢٠ إلخ ...
(١) وقد أخبرت بعد ذلك من مصدر أكثر ثقة على ما أعتقد ، بأن رئيس الجاف لا يستطيع القتل أو التنكيل دون استشارة شيوخ العشيرة.