وصلنا (سنه) وهي في كرب شديد ، إذ كانت المدينة في حزن عام بسبب الحادث التالي : «ذلك أن محمد حسين خان أكبر أنجال الوالي ، وهو من أم من عامة الناس وابنة صراف في المدينة ، كان قد حرم من ولاية العهد وجعلت لأخيه الثاني محمد علي أو خسرو خان ، وأم هذا من أعرق بيوتات (سنه) بعد بيت الوالي نفسه. فضلا عن كونه أحب أنجاله إليه. وقد نشب نزاع بين الأخوين ، أظهر فيه الأب تحيزا بينا بجانب نجله الأصغر ، فاشمأز محمد حسين خان من ذلك ، كما استغل بعض الانتهازيين هذه الفرصة لتوسيع شقة الخلاف فوعدوه بالتأييد ومن ثم أغروه على الهروب من (سنه) ففر منها قبل بضعة أشهر على رأس عدد كبير من الأتباع ، وكان محبوبا منهم. وقد سار على الطريق المار بين منطقتي بغداد و (كرمنشاه) وغزا في طريقه بعض العشائر التابعة لحكومة والده ، كانت ترعى مواشيها في سهول بغداد وخانقين. أما الوالي فبعد أن حصل على موافقة شاه إيران طارد نجله على رأس جيش ـ كنت قد وصلت في شهر آذار الماضي إلى (خانقين) و (قصر شيرين) بعد مغادرة الوالي لهما بيومين (١) ـ وأخيرا التقى الوالد بولده في منطقة كرمنشاه ، فدارت بينهما معركة قاتل فيها الفريقان قتالا عنيفا. وقد وجه الوالي أوامره المشددة بأن لا يقتل أحد ابنه أو يجرحه ، ولكن الولد جرح في المعمعة فنقل إلى (سنه) بعد المعركة حيث توفي متأثرا من جرحه ، فطاش عقل الوالي وقطع رؤوس عدد كبير من أتباع ولده في موقع المعركة ، كما أعدم أكثر من مائة شخص من أعيان (سنه) بعد عودته إليها ، وفر منه ما يقارب أربعمائة شخص آخر إلى (كرمنشاه) فدمر بيوتهم وصادر ممتلكاتهم ، فاضطر نساءهم وعوائلهم إلى الاستجداء.
__________________
(١) نجد في مكان آخر من هذا المجلد بحثا عن السياحة التي يشير إليها المستر (ريج). انتهت الحاشية. وإتماما للفائدة لقد ألحقنا مذكرات ريج في سياحته هذه بهذا الجزء من الكتاب ـ وهي من ملاحق الجزء الثاني ـ إذ وجدناه يشير إليها في هذا الجزء أكثر من مرة.