ذلك وبينما أنا أحاول الجلوس غبت عن رشدي فسقطت ومن حسن حظي أن كان (كورد أوغلي) (١) ورائي فاحتضنني بين ذراعيه. وقد أدركت الآن ، وبالأحرى أن ضعفي هذا جعلني أن أدرك ، بأنني لا أطيق السفر أبعد من (بايه ن ده ره) حيث قضيت قرينتي ليلة البارحة ، على أن حظي العاثر لم يتخلّ عن متابعتي إذ وجدت أن قرينتي ـ لخطأ ما ـ قد تقدمت مرحلة أخرى. وعندما علم عمر آغا بذلك وقد ذهب إلى (بايه ن ده ره) أوفد خيالا للرجوع بالجماعة وإيقافها في أقرب قرية إلى (بايه ده ره) ثم رجع ليخبرني بما فعل. وعلى ذلك استأنفت المسير أو بالأحرى حملني كل من كورد أوغلي والبيطر ـ النعال ـ إلى أسفل المنحدر فاضطجعت ناشدا الراحة ثانية تحت ظل صفصافة عند جدول جميل. فاحتسيت في هذا المكان كوبا من القهوة أنعشني ، وأصر عمر آغا الحنون علي بأن أشرب ملء ملعقتين من دواء الكرد العام وهو الشنين ، وقد جلبه لي من (بايه ن ده ره) ؛ والحق يقال إنه أنعشني كثيرا. وفي العاشرة والنصف شعرت بقدرتي على قطع ما تبقى من الطريق ، وكان لحسن الحظ سهلا.
سرنا راكبين بخطوات معتدلة في واد متمعج ، ولكنه أكثر انبساطا ، ينساب فيه جدول تنبت على ضفتيه أشجار الصفصاف بنسق جميل. وفي الثانية عشرة إلا ربعا ، ودون أن نرتقي كثيرا وصلنا قمة مهبط منحدر ، وأعتقد أنه أكثر انحدارا من المنحدرات التي جئناها حتى الآن ، وقد استغرق هبوطنا فيه قرابة نصف ساعة واسمه (كه لله بالين ـ Kelleh Balin). لقد اتفق كل من عمر آغا وعبد الله بك في القول بأنه أحد مضايق (زاغروس). والجبلان هنا يؤلفان واديا يصل (بانه) وكلاهما مكسو بأشجار البلوط.
ومن أسفل المنحدر سرنا في مخرف بين أشجار البلوط والدردار والصفصاف والحور ووصلنا في الواحدة والنصف قرية (سووره نه) في
__________________
(١) رئيس سواس المستر ريج ، وهو من (بايزيد) في أرمينيا ـ الناشرة.