وشرفة جميلة ، ينصب عليها أحيانا سلطان (بانه) خيمته قصد النزهة ، وصفصافة جد جميلة قرب ينبوع بارد (حرارته ٥٣ درجة) ، كانت حقّا أجمل أشجار الصفصاف التي شاهدتها حتى الآن وأعظمها. لقد نصب الوالي بعض الخيام لاستقبالنا ، ووجدنا رئيس خدمه وبعض الطباخين بانتظارنا لخدمتنا.
جاءني بعد الظهر أحد أنجاله ، حسين قولي خان ليرحب به وبصحبته الوزير وثلاثة آخرين من أعضاء المجلس ، وأحدهم وهو شيخ طاعن اسمه ميرزا عبد الكريم على ما أظن. وكان هو المحدث أو المتكلم الرئيس فيهم. أما الخان الصغير فكان صبيّا نبيها في الثانية عشرة من عمره تقريبا وهو في ملامحه يشبه أمير (سنه) الصغير ولكنه يبدو أكثر نشاطا وأمضى ذكاء. وكان سلوكه على جانب عظيم من الكياسة والأدب وقد رحب بي بلطف فائق باللّغة الفارسية وافتتح الحديث بالسؤال عن المسافة بين بلاده وبين إنكلترا ، وكيف وجدت كردستان ، وهل إننا ندخن الغلايين في بلادنا ، وغير ذلك من الأسئلة. ثم تولى الرجل العجوز الحديث ، ولما كان الحديث قد انحصر على الأكثر في المجاملات الإيرانية فلا أراه يستحق التدوين.
وصلتني مساء من الخان هدية كبيرة من الفواكه بعضها إجاص من (ميان دو آو) ، وهي وإن لم تكن جيدة جدّا فإنها مرضية لأنها كانت باكورة الموسم. وفي مراسيم تقديم الهدايا تمثلت أمامي الصور التي شاهدتها منحوتة في (به رسه بولس) خير تمثيل ، إذ يتقدم رئيس الجماعة وبيده عكاز طويل ومن وراءه رتل من الخدم يحمل كل منهم شيئا وهكذا تجزأ الهدية إلى أكبر عدد ممكن قصد التفخيم. لقد أصر الخان على أن يطبخ طعام إفطارنا وعشائنا في مطبخه الخاص ؛ إنه ولا ريب وفق الذوق الإيراني أو على ما أعتقد أحسن طهيا وترتيبا من طعام (سنه) ، وإنهم راعوا أوقات راحتنا.