وبعد أن جاوزنا هذه الأطلال بلغنا (زندان) وهي تبعد مسيرة خمس وأربعين دقيقة للراكب عن اسكى بغداد ، وهي أطلال على جانب عظيم من الغرابة والأهمية ، وتختلف الاختلاف كله عن كل ما شاهدته حتى الآن. فقد كانت مبانيها من الطابوق المفخور المتين ، وأغلب ظني أنها
__________________
رواية شاهد عيان ، عندما يأتي على ذكر الحملة الثالثة للإمبراطور (هرقل) ضد الدولة الفارسية سنة ٦٢٧ م. ، يعين تخمينا موقع (دستجرد) في هذا المكان في سياق وصفه زحف الجيوش الرومانية على (طيسفون) بعد معركة (نينوى) إذ يقول : «وإلى الشرق من دجلة ، عند نهاية جسر الموصل ، كانت مدينة (نينوى) عامرة في العصور السالفة. ولما كانت حتى أطلال هذه المدينة أثرا بعد عين منذ عهد طويل ، فقد أصبح موقعها ميدانا فسيحا قام في رحبته الجيشان بحركاتهما الحربية.
وقد صمدت خيالة الفرس حتى السابعة من الليل. وفي حوالي الساعة الثامنة انسحبت إلى معسكرها الذي ظل سالما. فحملت أمتعتها وتفرقت إلى كل جانب ، لا لقلة ثباتها ، وإنما لأن القيادة كانت تعوزها. على أن (هرقل) بنشاطه المعهود لم يتردد في استغلال ظفره. فقد احتلت طلائع جيشه بعد أن قطعت ثمانية وأربعين ميلا بأربع وعشرين ساعة ، كافة الجسور الممتدة على الزابين الأعلى والأسفل وأصبحت مدن آشور وقصورها مفتوحة أمام الجيوش الرومانية للمرة الأولى. وقد ظلت المناظر الخلابة تستهويهم حتى دخلوا (دستجرد) العاصمة الملكية. وعلى الرغم من