من الأزهار البرية هنا ، بعضها طيب الرائحة ، ومن بينها الشقائق وزهر الخشخاش البري القرمزي البديع ؛ وتحوم حولها الحباحب أو ذباب الأحراش.
إن أجود الأراضي الزراعية في منطقة (كفري) واقعة في (اسكي كفري) ، لأن الأراضي المجاورة للبلد كثيرة الأحجار لا تصلح للزراعة الواسعة. وفي موسم الربيع وحتى يتم الحصاد يخرج أهالي كفري إلى اسكي كفري فيقيمون في الخيام السوداء ، ومعهم نساؤهم وأولادهم.
وفي الليلة الماضية هب نسيم عليل من الناحية الجنوبية الشرقية لكنه انقلب اليوم إلى عاصفة هوجاء من الناحية نفسها تحمل سحب الغبار الأمر الذي أخشى أن يعيقني عن عملية الرصد هذه الليلة.
وقد سجل المحرار في خيمتي ٩١ درجة في أشد ساعات النهار حرارة.
٣٠ آذار :
غادرنا (كفري) في السابعة إلا ربعا صباح اليوم فمررنا بجبلين واقعين إلى ٢٢ درجة من الجنوب غربا وبعد الثامنة بقليل مررنا بجبلين صغيرين يدعيان (تل ـ ايشان) ، ثم عبرنا (كفري صو) وهو الآن يابس ليس فيه سوى مجراه المملوء بالحصى. وكان السهل هنا أبيض بفعل السبخ الذي يكسوه كأنه الثلج. وقبيل الساعة العاشرة بلغنا (جمن كوبروسي) ـ جسر جمن ـ وهي قنطرة جديدة جيدة فوق (جمن) الجدول البطيء البشع المملوء بالقصب الذي يبلغ ارتفاعه نحو خمسة عشر قدما بحيث لا يكاد الماء يرى من خلاله. أما الماء فمملوء بالعلق. ولا شك أن الفيلسوف الوارد ذكره في قصيدة الشاعر (وردزورث) كان يجد لنفسه هنا عملا متيسرا. والناس هنا يأكلون لب القصب الأخضر من كعوبه. وقد مررنا ببعض مضارب للعرب يرعون أغنامهم في مراعيها.