إليها من بعد. أما الوهاد ، فكانت عميقة جدّا كونتها سواق صغيرة عديدة تسيل من كل حدب وصوب. ووجه الأرض تكسوه الحشائش تخالطها الأعشاب المتعارفة ، ولم نر إلا القليل من الشعير.
وفي التاسعة قبل الظهر وصلنا مضيق (ده ربه ند) ، وكان طريق الاقتراب إليه كالمستنقع ، ولا بد أن يكون مزعجا في موسم الشتاء. ويوجد إلى الجانب الأيمن من المضيق خان صغير ، وعند مدخله مباشرة خربة مربعة صغيرة أو دكة لا تزال فيها أنقاض أقبية صغيرة معقودة ، وبعض آبار مياه. وهذه تشابه دكتي (قصر شيرين) و (حوش كه ره ك) (١) وهي ولا ريب ساسانية مثلهما. ومن باب الفضول إنني سألت حارس (٢) ال (ده ربه ند) مستفسرا عمن بنى هذه فأجاب دون تردد قائلا «خسرو». ومضيق (ده ربه ند) يتكون من جرف فقط ، أو حاجز يضيق ليسد الوادي ، وهو ينحدر انحدارا تدريجيّا جدّا تاركا فجوة صغيرة للمرور وحسب ، وهو حاجز كامل يجابه جانبي الفجوة التي يمر منها الطريق المؤدي إلى كردستان. وهذا الحاجز يتألف من طبقات رقيقة مائلة إلى الخارج أو إلى الغرب بانحراف قليل عن الوضع الشاقولي. والمضيق كما ذكرت آنفا ، كان قد حصّنه عبد الرحمن باشا ، وشيد فيه سورا وبابا ، ووضع ثلاثة أو أربعة مدافع فيه ، عبأ اثنين منها في المرتفعات لرمي معسكر الأتراك في المنخفض. ولو أراد سليمان باشا الهجوم عليه لذهب مسعاه سدى ، لو لا أحد رؤساء الكرد المسمى محمود بك نجل خالد باشا الذي اتفق مع الأتراك فقاد فرقة من القطعات التركية وبعض الكرد غير النظاميين إلى الجبال من مضيق لم يكن معروفا إلا لنفر قليل من الكرد. وقد أهمل عبد الرحمن باشا أمر الدفاع عنه اعتقادا بعدم صلاحه لمثل تلك
__________________
(١) راجع الملحق.
(٢) هناك حرس في مضيق (ده ربه ند) يتقاضى اثنتي عشرة بارة عن كل حمل يمر من المضيق ، إلا أننا لم نكلف بدفع هذه الضريبة.