رجال محمود باشا البارزين ، وقد أرسله سيده ليخلف «مهماندارنا» ويوصلنا إلى السليمانية. وكان بمعيته عشرة أو اثنا عشر خادما ، فسرنا سوية بعد تبادل التحيات المعتادة.
كان الطريق يمر بتلال متشعبة من جبال (غودرون) تتخللها وديان كثيرة المياه تنصب فيها مجاري عديدة صغيرة ، وقد أنشئت السدود في البعض منها لرفع مستوى مياهها وتسليطها على مشاتل الشلب ؛ ورأينا الكثير من مزارع الشعير ، وهو ما زال قصيلا. وفي الثامنة عبرنا سيلا عريضا ضحضاحا ينحدر من (غودرون) وهو يجف في الخريف اسمه (جاق جاق). وقد أخبرني دليلنا أن السيل إنما سمي بهذا الاسم لأن الحصى الموجودة فيه تقدح نارا (١).
وفي الثامنة والدقيقة الخامسة ، وصلنا إلى (سه رجنار) وهو منبع بالقرب من الطريق يتدفق من أكثر من خمسين عين ماء صغيرة ، تؤلف مباشرة جدولا كبيرا وكان لخرير مياهها من فوق الحصى وقعه الحسن في أذني. ويسيل هذا الجدول في منطقة (جه مي تانجه رو) (٢) حيث المرزات الكثيرة ، ثم يصب في ديالى ، ويمكن القول عنه في الواقع إنه أحد الجداول التي تؤلف ذلك النهر. وفي مجراه في وهد السليمانية يصبح ملك رجل واحد وهو يونس بك ، وقد منحه إياه الباشا الحالي. وتقدّر غلة الأراضي التي يرويها بأكثر من (٥٠) ألف قرش سنويّا ، وأن مياهه تروي الكثير من مشاتل الشلب ومزارع القطن والسمسم والتبغ.
__________________
(١) قد تكون الكلمة (جاقماق) وليس جاق جاق. وكلمة «جاقماق طاشي» في التركية تعني حجر الصوان. ويستبعد أن تكون كلمة (جاق جاق) محرفة من (جاقماق).
والأولى كلمة صوتية ، وهي من صميم اللّغة الكردية ـ المترجم.
(٢) (تانجه رو) تحريف كردي لكلمة (تاج روود) الفارسية. وتبعد مدينة أو قرية (تانجه رو) مسافة ساعة من السليمانية.