صغيرة ، أقيم فوقها نحو من مائة وخمسين مدفعا لا عجلات لها. والخندق المحدق بسور القلعة ضيق لا يتجاوز عمقه القامتين أو الثلاث. وليس على الخندق أمام الباب جسر قابل للانفتاح. وفي القلعة حامية قوامها ثلاثمائة إنكشاري يرأسهم آغا. ويحكم المدينة باشا يكون عادة برتبة وزير ، ولمسكنه المطل على دجلة منظر بديع. وبأمرته دائما ستمائة أو سبعمائة فارس. وهنالك أيضا آغا يرأس بين الثلاثمائة والأربعمائة سباهي ، هذا إلى صنف آخر من الخيالة يسمون جنكوليلر أي الشجعان ، على رأسهم اثنان من الأغوات. وفي المدينة والبلدان المجاورة لها حوالي ثلاثة آلاف من هؤلاء الرجال. إن مفاتيح أبواب المدينة وباب الجسر تودع عند آغا آخر ، بإمرته مائتا إنكشاري. وهنالك أيضا ستمائة من المشاة يرأسهم آغا ، ونحو ستين مدفعيا كانوا في ذلك الحين بإمرة خبير يسمى السنيور ميخائيل ، الذي يعتبر تركيا وإن كان من مواليد كاندي (كريت). لقد وقف هذا الرجل نفسه لخدمة الباب العالي حينما ذهب لحصار بغداد سنة ١٦٣٨ م. ومما ذكره أن الأتراك الذين خدمهم الحظ للاستيلاء على المدينة بوقت قصير ، لم يكن الفضل في ذلك للثغرة التي أحدثها السنيور ميخائيل في السور فحسب ، بل أيضا إلى ما أحدثه الشغب والثورة حينذاك من التأثير في المدينة. وها أنذا أدرج فيما يلي قصة فتح المدينة بإيجاز :
إن الخان الذي تحمل العبء الأكبر أثناء الحصار في بادئ الأمر كان أرمني الأصل واسمه صفي قولي خان. فقد حكم المدينة مدة طويلة ، ودافع عنها مرتين ضد الجيش التركي الذي لم يتأت له الاستيلاء عليها من قبل. لكن ملك فارس أرسل ببعض محسوبيه لتسلم مهام القيادة بدلا منه ، فتسملها منه قبل أن يعمل المدفع عمله في ثغر السور. ولما وجد الخان السالف نفسه قد استخلف بالحاكم الجديد ، آثر الموت على تحمل الإهانة التي لحقت به. فدعا بخدمه وضباط الجيش وامرأته وابنه ، وتناول بيده أمامهم ثلاثة كؤوس من السم ، وأمر زوجته ، فيما إذا كانت تحبه حقا ، أن تبرهن على صدق حبها له بأن تشاركه الموت بطيبة خاطر. ووجه الخطاب نفسه إلى ابنه. وهكذا تجرع الثلاثة كؤوس السم الذي قضى عليهم سريعا. أما الجنود الذين كانوا يكنون له