أنت» «إن حميري عرجاء» «إنها أوامر الحكومة» «إن لي حمار واحد فقط وهو يحمل القمح منذ ثلاثة أسابيع» ، وعمره سنتان فقط وهو على وشك الموت». لم يكن ذلك الحوار مزاحا ولكنني قد وعدت بأن أوصل حميرنا للاستعاضة عنها بأخرى. ثم قررنا أن نكمل الأربعة حمير الجديدة باقي الرحلة وهي حوالي ثمانية وأربعون ميلا في الصحراء الميؤوس منها مع أتعس حمير في العالم. وعند ما وضعنا أرجلنا لنّهم بالركوب أخذ الواحد تلو الآخر يهوي على الأرض حتى قبل أن أضع جسدي عليه برغم حمولته المعتدلة.
وما كان علينا إلا أن نقبل الوضع حتى يتسنى لنا أن نجد سفينة ولا ننتظر. ولكن هناك صعوبة أخرى ظهرت لنا عند ما علمنا بأن سائقي الحمير الثلاثة ، واحد طاعن في الكبر والآخران صغيران ، فثلاثتهم يجهلون الطريق. لذا قررت أن أجعلها رغبتهم في إرشادنا للطريق وجعلهم يبدأون بالسير مجازفة على الطريق المظلم ويسوقون الحمير أمامي. وإنني لم أكن بعيدا عند ما سمعت الكبير فيهم قد أرسل يطلب والده الذي أخذ بدوره يشتم ويسبّ ووجد أن عليه أن يوافق على السير هكذا.
لا داعي لوصف سيرنا في هذه الرحلة الآن فأي شخص ممكن أن يتصور كيفية السير في الظلام على تلال من الرمال المتحركة ، ويكفي أن نقول بأنه طلع علينا الفجر ونحن نتعجب بدون أمل ، ونمشي بغير هدى عند ما أخذنا طريقا من زاوية قائمة بحوالي ٤٥ درجة. حين بدأ ضوء الصباح يظهر معالم الأرض وقد بدت من بعيد غابات شجر النخيل في الأفق وأمامنا على مدى بصرنا غبارا رمليا. وفي الخامسة مساءا وصلنا لغابة شجر التمر في (كالانجونج) حيث تناول الجميع غدائهم المكوّن من الكاري والأرز والشاي.
في الطريق وجدت أن سائقي الحمير البائسين لديهم إحساسا بأن هذه