أحد يمكنه أن يرد إليه بصره. وأخيرا أخذ يتوسل إليّ لعمل أي شيء لعينيه. على هذه جاوبته بقساوة بأنه يترآي لي وكأن بلوش هذه البلدة ليسوا ببلوش أبدا حيث أن طلبهم دائما يأتي على شكل توسلات وتضرع وهذا مقابل ما سألت عنه فقط الشيء البسيط لمرشدين للوصول إلى (كرمان) عن طريق (أنغوران). وقد قوبلت بما هو أسوأ من الرفض ، وبالتحديد المراوغة.
كان الرجل المسن قد تنبه تماما ومسك بيد الرجل الذي أرشده في سيره ، وقال بغضب : ـ «هذا هو خادمي الخاص سيقودك إلى (أنغوران) أو لأي مكان تريده. وسوف لا تدفع له أي شيء ، ولكن ما عليك فقط إلا أن ترسل لي ورقة معه حينما تعفيه من هذه المهمة تذكر لي فيها إذا ما كان قد خدمك جيدا أم لا». ثم أضاف «إذا كانت جمالك لا تستطيع السير في هذا الطريق ، وإذا اضطررت لترك جميع أمتعتك فهي ليست غلطته. وإنك تقول بأنك ستمكن الجمال من السير في هذه الطريق ، وقد تحاول ذلك ، كل ما أود أن أقوله لك بأنه لم يسبق لأية جمال ولا حتى جمال الجبال أن قامت برحلة كهذه».
هذا كان كافيا لي. فنهضت وأخذت يد الرجل العجوز وقلت «يا والدي ، نحن الاثنين أهل للثقة ، أنا لن آخذ خادمك ولا طريق انغوران». وبعد مناقشات أخرى فحصت عينيه وأعددت له محلولا من نترات الفضّة ، ووضحت له طريقة الاستعمال ، ثم وضعت يدي على كتفه ونظرت إلى وجهه الفاقد البصر تقريبا ، وأضفت : «بما أنك تكلمت بصدق معي ، لذا فإن دوائي سيشفي عينيك». بعد ذلك تماما أطل شاب فتيّ يدعى «بيرو» من باب الخيمة وقال ، إن «الريس علي» قد أرسله ليرشدني إلى (أنغوران). بالرغم من أن هذا الأمر كان مفاجأة إلا أنني قررت مباشرة أن أبدأ ، حيث أنه عند عودتي ربما أتمكن بسهولة أن أفتح السؤال عن الطرق وسأكتسب خبرة أكثر لإرشادي.