فجأة إلى الخلف وجدت ما لا يقل عن ثلاث رؤوس سوداء تختفي إلى أسفل. قد جاء أحدهم وتحدث معي ولكنني شعرت بأن هناك أمر من «الريس علي» لمتابعة طريق واحد فقط. في الساعة الثالثة وعشر دقائق تسلقنا خارج المجرى المائي وبعد ثلاثة جبال ضخمة مشينا إلى أسفل وادي نهر «شريفي» لنرى واديا جميلا يحتوي على علف الجمال لذلك قررت أن نخيّم هنا.
هذا المساء قد أخذت على عاتقي الاهتمام بمرضاي الاثنين ، وأعطيتهما الدواء ، وفي صباح اليوم التالي كانا منهمكان في قيادة جمالهما إلى الماء.
في اليوم السادس عشر سرنا طويلا إلى أعلى مجاري الماء الصخرية ولففنا بين الجبال القاحلة التي ليست لها نهاية ، وخيمنا بجانب (جبل براهيج). لقد كان سخيفا جدا أن يسمع البلوش وهم يتفاخرون كيف أن (البشكرديين) يخافون منهم. وفي الطريق اليوم التقينا مع رجل كان لديه تلعثم فظيع في لهجته. هذه العلة غير معروفة في مناطق الساحل وأعتقد أنها ناتجة عن الخوف او الرعب المفرط.
إن «رجل الأذن اللؤلؤية» كان مرحا جدا معنا ، وقد حاول تديجيا أن يبرهن بأنه أمير المرشدين ولأبعد من ذلك الرجل الأكثر ذكاء في البلدة. فبمجرد أن ندرك المخيم الأول فإنه يشير الى اتجاه المخيم الثاني. وعند التدقيق في الاتجاه المتروك عند وصولنا للمخيم الثاني فإنه يبدو لنا دقيقا جدا حتى أنه لم يكن هناك فرقا ولو ٥ درجات عما يشير إليه. إن رجل كهذا بلا شك لا يقدر بثمن خاصة في الظروف التي ربما قد يضيع فيها الرحالة على الجبال العالية. لقد كان أيضا عالما كبيرا وكان يحمل معه مخطوطا فارسيا واسعا يرتل فيه كل مساء بنبرة صوت رتيبة منظمة لساعات متوالية وهذا نقيض للديانات والأشياء الأسطورية.