شخصيته كانت غريبة ، نظرا لتحيته لي بالطريقة المتّبعة في (هندوستان) ، ومن يراه يعتقد أنه هندي نظرا لصعوبة تلفظه لحرف «الراء» بالبلوشية.
لقد لفت نظري في (شهرنو) الأكواخ القليلة المتفرقة وسكانها يلبسون الملابس الزاهية محتفلين بحلول عيد الأضحى ، اليوم الذي يلتف فيه المسلمون حول الكعبة بمكة المكرمة ، وذلك حسب اعتقادي ؛ لأنه كما ذكرت ، ليس بيد أحد منهم أن يعرف أي مناسبة تمر بهم ، فقط أنا و «الملا سعيد» كنا نعرف سبب المناسبة.
بعد مغادرتنا (شهرنو) مررنا ب (يكدار) حيث ينمو فيها شجر النخيل في برك راكدة وينتشر فيها البعوض الأسود القارص ، الذي أربكنا وأربك جملنا مما جعلنا نتقدّم بحذر على أطراف هذه البرك لتفادي ما لا يحمد عقباه.
إن النظر إلى حالة بساتين النخيل بهذه المنطقة يمّكننا من معرفة المكانة العائلية لأصحابها وملاكها ، ومعظم البساتين هنا هي ملك الأمير «علي» وخصمه «عبد النبي» وقد بدأ رجالي ـ وكلهم خدم أو أتباع الأمير «علي» ـ عند رؤيتهم الأشجار ، فرحين وهم يؤشرون ويشرحون لي عن أشجار النخيل المثمرة الطويلة ، ومقارنتها مع بساتين الخير المزروعة حديثا.
إن شخصيتا هذين الزعيمين الخصمين ، واللذين قد أثر نزاعهما سلبا على أحوال البلاد ، يمكن تلخيصه بوجه عام كالتالي :
إن «الأمير علي» وهو رجل كهل ومسن ، هو الأفضل لرعاياه ؛ حيث يقوم بإعطاء كل فرد جزءا من نخيله ليجعل بينها مسكنا له ، كما أنه يساعدهم في الزواج والاستقرار.
أما «عبد النبي» فإنه منذ أيام عنفوانه الأولى ، وبعد وفاة والده في (مكة) (١) أصبح حاميا للرعية وجعل من أتباعه وخدمه جنودا ،
__________________
(١) لم يتوفى والده (الأمير محمد آل دغار) في مكة ، إنما كان في رحلة للحج إلى بيت الله الحرام