وأثناء سيرنا لهذين الميلين ، ترجل الرجال أربع مرات رافضين تماما التقدم أكثر ؛ لذلك خيّمنا عند غروب الشمس. وقد تشاجرنا لأن الرجال يعلمون تماما المسافة الباقية للوصول لبلدة (جيشكواك) التي كانت في الحقيقة على بعد ثلاثة خطوط رملية إلى الأمام. عموما ، انتهى الموقف ونحن نضحك ، فهم حقا رفقاء جيدين. هذا وإننا قد وفّرنا كمية من علف الجمال في هذا المكان المقفر ، حيث لا يوجد إلا نبات (البيتو) وسيصبح الوقت ليلا مباشرة بعد وصولنا. تلك الليلة كانت شديدة البرودة ، وفي صباح اليوم التالي نهضنا مبكرين وأخذنا نمشي بثقل في أعلى الجبال الرملية حتى وصلنا إلى (جيشكواك) ، التي كانت تظهر كمدينة على خارطة (Pottinger) (١)) وكانت لا تبرز أيه علامة من أي نوع. إن هذا الاسم يشتمل بكل بساطة مكانا من الجبال الرملية حيث تتراكم مياه الأمطار لمدة طويلة مما يحيّر (اللاشاريين).
بدو البلدة الذين من حين لآخر يلجأون إلى بسط خيمهم المصنوعة من صوف الغنم أثناء سيرنا. توقفنا أربع أو خمس مرات لنقدم العلف للجمال ، وهنا مررنا بقوافل من الجمال حيث كان المسافرون عليها نائمون على الأرض ، وهذه الحقيقة كان يشير إليها سائقوا الجمال خاصة قبل أن تنتهي رحلتنا التي تخللها فصلا مضحكا ضدي ، فقد صادف دائما كلما مررنا بقافلة نرى المسافرين فيها نائمين وحسب رأي سائقي جمالنا ، يلزم علينا أن ننام مثلهم.
بعد أن سرنا أكثر لمسافة ميلين على الرمال العميقة بعد (جيشكواك) توقفنا على قمة جبل عال ورأينا في الجانب الشمالي الغربي حزاما من
__________________
(١)» Potinger «: كابتن عسكري بريطاني ذهب في رحلة إلى هذه المنطقة قبل «فلوير» بعدة سنوات وعمل مذكرات وخرائط عنها.