يلتبس (١) بقول (٢) الشاعر :
اليوم (٣) أشرب (٤) غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل (٥) |
______________________________________________________
(١) قوله : (لأنه ... إلخ) أفاد بهذا الاستدلال دفع ما يرد من السؤال أن همزة اعلم ينبغي أن تكون مفتوحة اتباعا لفتحة العين في مضارعه ، بأنه لو فتحت يلزم الالتباس بهمزة المتكلم كما أشار إليه بقوله : لأنه يلتبس بقول الشاعر ... إلخ ، فإن قيل لا التباس حينئذ فإن آخر المتكلم مرفوع ، وآخر الأمر مجزوم كما ترى ، قلنا : نعم إلا أن المراد بالالتباس إمّا بتقدير الوقف في آخره ، كما في الشعر المذكور ، وإمّا بتقدير كونه جزاء الشرط ، كما قال المصنف بقوله : وبجزاء الشرط. اه عبد الباقي.
(٢) أي : بالمضارع منه على تقدير الوقف في آخره ، فإذا قلت مثلا : اعلم بفتح الهمزة وسكون الميم لم يعلم أنه أمر أو مضارع أسكن آخره للوقف ، أو على تقدير كونه جزاء الشرط كما في قول الشاعر. اه مولوي.
(٣) قوله : (اليوم ... إلخ) أول الشعر :
حلّت لي الخمر وقد كنت مرارا |
|
من شربها في شغل شاغل |
حلت فعل ماض من الحلال ، ولي متعلق به ، والخمر فاعله ، والواو في وقد كنت حالية ، والجملة حال عن الضمير المجرور في لي ، ومرارا ظرف لقوله : كنت ، والشرب بفتح الشين مصدر بمعنى آشاميدن وبالضم والكسر اسم مصدر كذا في المنتخب ، والشغل بالضم ضد الفراغ وبالفتح بازداشتن ومشغول كردن كار كه را كذا في الرشيدي ، ولما ذكر الشاعر أن حاله كذا في الزمان الماضي فكأن لقائل أن يقول : ما حالك اليوم فإن الماضي قد مضى فاترك بيانه ، واذكر حالك الآن ، فأشار إلى جوابه بقوله : اليوم ... إلخ ، فاليوم ظرف لقوله : أشرب ، ومن غير مستحقب حال من فاعل أشرب ، وكلمة من زائدة ، في الصحاح استحقبه وحقبه بمعنى احتمله انتهى. والإثم بزه مند شدن ومن الله متعلق به ، ولا واغل عطف على قوله : مستحقب ، الوغل آنكه ناخواندة در ميان شراب خواران رؤبرائي شراب خوردن كذا في الكشف فالمعنى ظاهر.
قال بعض الأساتذة رحمهمالله : الشعر لامرئ القيس ، قيل : له حبيبة قتلها أحد فاطلع بذلك وحلف بالله وقال : أكل الخمر التي هي حلال الآن حرام عليّ ما لم أقتصّ من قاتلها فبعد ذلك كما دخل على شاربي الخمر قبل القصاص لم يشرب وإن يعطونه لعدم البر عن اليمين ، فلمّا اقتصّ منه ورجع إلى شاربيها من جلسائه حتى دخل عليهم حال كونهم يشربون الخمر ، فقال مسرورا مفتخرا للوفاء بما حلفه : حلت لي ... إلخ ، فلما أنشد هذا البيت فقال قائل منهم : ما حالك اليوم فإن الماضي قد مضى ... إلخ ، قال في جوابه : اليوم أشرب إلخ والله تعالى أعلم. اه تحرير ملا غلام رباني رحمهالله.
(٤) بسكون الباء وإن كان متكلما لضرورة الشعر أو الوقف فأشرب في البيت متكلم ولو جعلت همزة أمره مفتوحا أيضا ، يلزم الالتباس به كما لا يخفى. اه حنفية.
(٥) البيت من البحر السريع ، وهو لامرئ القيس في كتاب سيبويه ٤ / ٢٠٤ ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص ١٠.