كذلك يتنوّع شكل الشوارع الداخليّة وتقسيم المناطق التجاريّة والسكنيّة بين الشكلين القديم والحديث وما بينهما. ففي داخل جونيه ، وخاصّة في محاذاة الشاطئ ، سوق تجاريّة قديمة تمتدّ على طول ساحل المنطقة بشكل شبه مستقيم ، تقوم على جانبيها أبنية القرميد المتلاصقة التي تتشكّل غالبا من طبقتين ، سفليّة للحوانيت ، وعليا للسكن ، ويتخلّل بيوت هذا الطراز عدد من الأبنية الحديثة لم تبدّل على قلّتها الطابع التراثيّ للسوق. وتتفرّع من هذا الشارع الرئيسي أزقّة قديمة وشوارع عريضة حديثة ، وعلى جانبيها مزيج من الأبنية الحديثة والقديمة. وفي أحد هذه التفرّعات الذي يشكّل مخرجا من ساحة جونيه إلى مناطقها السكنيّة فإلى حريصا ـ درعون وما يليهما ، شارع رحب يذهب من الغرب الى الشرق ، ليتّصل بطرقات داخليّة عريضة حديثة قلّما تمتّعت بمثلها مدينة لبنانيّة ، هنا تقوم المدارس الكبرى والحوانيت الجديدة والمؤسّسات والمنازل ، وعلى مسافة قصيرة ، يعبر المدينة أوتوستراد بيروت ـ طرابلس الذي يشقّ مجمل بلدات جونيه ، والذي تتفرّع منه طرقات عدّة عبر الجسور والمفارق المهندسة لتصل بلدات جونيه الأربع بهذا الطريق الدوليّ السريع. أكثر عمقا في الداخل ، يصبح الطابع أقرب إلى الأحياء السكنيّة منه الى الأسواق التجاريّة والأحياء السياحيّة ، وفي هذا التقارب السريع بين المناطق السياحيّة والتجاريّة والسكنيّة داخل مدينة جونيه شيء من الندرة والجمال. ورغم أنّ عددا ضخما من الأبنية الحديثة قد طلع مؤخرا هنا ، فلا يزال طابع قديم متناثر يذكّر بطمأنينة الأيّام الخوالي.
كان للحرب الأهليّة التي عصفت بلبنان في منتصف سبعينات القرن العشرين ، تأثيرا مباشرا على مسار العمران والنموّ في مدينة جونيه ، كما في سائر المناطق الرئيسة من لبنان. تلك الأحداث حتّمت عمليّا نشوء لا مركزيّة