جهة البحر ، ويبدو أن تلك المغارة الرحبة عند مدخلها كانت بدورها تضمّ معبدا فينيقيّا بحسب باحثين درسوا المكان قبل حوالى القرن (لامنس) ، فوجدوا أنّ أمواج البحر قد هدمت الجدار الشماليّ المواجه لليمّ عبر السنين ، علما بأنّ البحر كان قديما أقرب إلى المغارة ممّا هو عليه اليوم. وأكّد هؤلاء على أنّ درجا كان يمتدّ من المغارة إلى الداخل صعدا هو من صنع أيدي البشر وليس من صنع الطبيعة. وقد حوّلت تلك المغارة منذ زمن بعيد لعبادة القدّيس جرجس الذي يرى فيه أخصّائيّون نسخة مسيحيّة عن الإله أدونيس ، وقد استمرّت أعمال العبادة في تلك المغارة دون انقطاع منذ آلاف السنين. ويعتبر كثيرون أنّ أسطورة القدّيس جرجس وقتله للتنّين إنّما نشأت هنا وليس في خليج بيروت ، غير أنّ هذا لا يرتكز على أساس تاريخيّ ثابت إذ إنّ هناك أماكن أخرى تدّعي بأنّ مار جرجس هو قدّيسها ووليّها وأنّه عاش فيها. ولهذا القدّيس اعتبار عند كافّة الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة في لبنان والشرق ، والمسلمون يدعونه الخضر ، ويزور الناس من مختلف الإنتماءات الدينيّة في لبنان مغارة مار جرجس هذه المعروفة بمغارة الباطيّة للتبرّك وإيفاء النذور وطلب الشفاء. أمّا اسم الباطيّة ، فيؤكّد بما لا يقبل الشكّ على أنّ المعبد القديم الذي كان منشأ بداخلها إنّما كان مخصّصا لعبادة أدونيس ، ذلك أنّ الباطيّة تصحيف لمركّب ساميّ قديم : " بيت طوّاية"BET TAWW YE ومعناه : بيت المحزونين. ومعلوم أنّ شعائر الحزن كانت من أهمّ شعائر ديانة ذلك الإله الذي كان يبكيه عبّاده إلى حدّ النحيب في ذكرى موته. وكان هذا الهيكل مرتبطا بهيكل أفقا عبر" درب أدونيس" الذي يعبر غزير صعودا إلى الغينة للتبرّك بزيارة ضريح الإله هناك ، ثمّ يتّصل بالنهر المقدّس صعودا إلى أفقا. وقد بقيت عبادة أدونيس شائعة في فينيقيا حتّى العهد الروماني.