من مجمل تلك الدلائل ، استخلص باحثون ، من بينهم الأب لامنس ، درسوا آثار جونيه وصربا ، أنّ مدينة جونيه القديمة ، وهي نفسها غادير وصربا البحريّتان ، مبنيّة على أنقاض مدينة أقدم منها ، هي باليبيبلوس ، التي كان معظمها فوق صخور صربا المطلّة على البحر ، وكانت غادير ، وهي نفسها جونيه ، مرفأها في العصور الفينيقيّة الأولى.
أمّا ساحل علما ، فبدورها تحمل اسما فينيقيّا على خلاف ما يوحي به اسمها المتضمّن في جزئه الأوّل لفظا عربيّا : ساحل. فهذا الجزء مستحدث ، وهو لاحق للإسم الأوّل : علما. ويقول فريحة إنّ الجذر الأساسي للفظ علما ، ALM ، يفيد عن التغطية والظلمة ، وترجمته إلى العربيّة : الظليل ، أي المكان المغطّى بالظلال ، وهو وصف طبيعيّ لذلك الجبل المكسوّ بغابة برّيّة ، كان يطلق على المنطقة العالية من البلدة ، التي أطلق على شاطئها في وقت متأخّر اسم ساحل علما ، كما نقول اليوم ساحل كسروان وساحل المتن وما شابه. ولم نجد في المدوّنات ولا في الآثار ما من شأنه أن ينبئ عن نشاطات فينيقيّة أو عمرانيّة معاصرة للحقبة الفينيقيّة في ساحل علما ، ولكنّ المعروف عن الأمكنة التي كانت تحيط عصر ذاك بالمدن البحريّة أنّها كانت تستعمل لغايات زراعيّة ، وربّما كانت المواقع المرويّة من مياه نبع بطحا شرقي ساحل علما في الماضي السحيق مناطق زراعيّة لم تبق الأزمنة على أيّ أثر من عهودها. أمّا أراضي حارة صخر ، فبقيت أزمنة مديدة مهملة بسبب افتقارها إلى المياه.
لم تحفظ لنا الآثار المكتوبة ولا المنشأة ما من شأنه أن يدلّ بوضوح على ما شهدته أرض مناطق جونيه من قبل الشعوب الغازية ، غير أنّ النقوش الصامدة على صخور نهر الكلب ، تفيد عن أنّها شهدت العديد من الجحافل