التي لم يبق منها أيّ أثر باستثناء تلك النقوش. جلّ ما ذكره المؤرّخون عن مناطق جونيه تخصيصا في هذا المجال ، أنّ الأشوريّين لمّا احتلّوا الشاطئ في القرن التاسع قبل الميلاد ، ضربوا خيامهم في منطقة كفرياسين ، وعهدوا إلى البعض منهم زراعة السهول المحاذية للبحر بمعاونة المزارعين الفينيقيّين لسدّ حاجات جيوشهم ، وأنّ أحد قادتهم اتّخذ من قلعة صربا مقرّا له. ومن آثار تلك الواقعة التاريخيّة نقش أشعّة مجنّحة لقرص الشمس ، معبود الأشوريّين ، لا يزال ظاهرا على أحد أعمدة الهيكل المرصوف في أساسات دير المخلّص. ومن خليج جونيه وجبيل انطلقت السفن الفينيقيّة الموضوعة تحت تصرّف الغزاة مرارا بقيادة ملوك أشور في هجومات ضدّ أرواد ومصر. كذلك جعل قائد فارسيّ مقرّه في قلعة صربا عند احتلال داريوس للشاطئ نهاية القرن الخامس. واستفاد الفرس من مرفأ جونيه لتجديد أسطولهم وللتنقّل بحرا بين المدن في أعمال عسكريّة وتجاريّة ، كما تعاطوا صيد الأسماك في الخليج والزراعة في ضواحيه.
ومن الغزاة الكبار الذين يذكر التاريخ أنّهم نزلوا قلعة صربا ، الإسكندر المقدوني بعد أن سحق الفرس سنة ٣٣١ ق. م. ، ويذكر المؤرّخون اليونان أنّ الإسكندر كرّم الآلهة الفينيقيّة من خلال مهرجان دعا إليه واشترك فيه الفينيقيّون على مدى ثلاثة أيّام بدءا من صربا ووصولا حتّى قبر أدونيس في الغينة. وإنّنا نميل إلى الإعتقاد بأنّ اسم جونيه قد أطلق على المكان في ذلك التاريخ ، مثلما أطلقوا أسماء بيبلوس ، وتيروس ، وصيدون ، وبيريتوس ، وتاميروس وسواها.
إنّ أقدم أثر باق في جونيه من فجر تنصّر الشاطئ اللبناني هو بقايا الكنيسة البيزنطيّة التي قامت على أنقاض المعبد الفينيقي بجوار قلعة صربا ،