وبقايا القلعة المندثرة التي عرفت بقلعة وببرج القدّيسة هيلانة. ومثلما فعل حكّام الشعوب الغازية التي احتلّت الشاطئ الفينيقي في الزمن السابق للميلاد ، كان من الطبيعيّ أن يختار حاكم المنطقة الرومانيّ قلعة صربا مركزا له إثر احتلال الرومان المنطقة بقيادة بومبيوس سنة ٦٤ ق. م. ، وأن تستمرّ تلك القلعة مركز الأحكام طيلة العهد الرومانيّ الذي شهدت بدايته اضطهادا قاسيا للمسيحيّين. وقد حافظت لنا العاديّات المكتشفة من تلك الحقبة بقايا نقوش وكتابات رومانيّة على حجارة القلعة المندثرة ، ما يدلّ على أنّ الرومان حوّلوا المعبد لآلهتهم ، ومارسوا فيه عباداتهم السابقة لتنصّر الأمبراطوريّة وتحويل دين الدولة إلى المسيحيّة. واستمرّ الحال على هذا المنوال طيلة نحو من ٣٥٠ سنة ، إلى حين تولّي قسطنطين الكبير عرش بيزنطية سنة ٢٧٤ ميلاديّة.
معلوم أنّ قسطنطين قد أوقف الإضطهاد ضدّ المسحيّين وأطلق الحرّية لدينهم ، لا بل شجّع الديانة المسيحيّة التي عجزت روما عن وضع حدّ لانتشارها رغم الاضطهاد. وكان لوالدة قسطنطين ، هيلانة الرهاويّة إبنة أحد الكهنة المسيحيّين السريان ، التي عاشت بين ٢٤٧ و ٣٢٧ م. ، تأثيرا فعّالا في ميل الأمبراطور إلى المسيحيّة. وهكذا فقد وضع قسطنطين حدّا للعبادة الوثنيّة وحوّل أهمّ مراكزها إلى معابد مسيحيّة. وكان أهمّ هيكلين شهدا هذا التحوّل معبد أفقا في جبيل ، ومعبد صربا في جونيه. وقد اعتبر الباحثون أنّ بقايا الفسيفساء بجوار أنقاض قلعة صربا ليست سوى آثار لكنيسة بيزنطيّة أقيمت على أنقاض المعبد الروماني.
أمّا برج هيلانة ، فكان موقعه في المكان الذي تقوم عليه اليوم مدرسة العائلة المقدّسة الفرنسيّة بوسط جونيه ، وقد هدم هذا البرج كليّا سنة ١٩٣٢ بأمر مدير الآثار الفرنسي في المفوّضيّة العليا عهد الإنتداب لتبنى على