أنقاضه المدرسة. وجلّ ما حفظته لنا التقاليد والمدوّنات حول هذا البرج الذي نسب منذ القديم إلى هيلانة ، حكايات مفادها أنّه عند ما قصدت الملكة الأراضي المقدّسة للبحث عن خشبة الصليب سنة ٣٢٤ ، مرّت في جونيه ، حيث استقبلها أهلها المسيحيّون بحماس وإكرام ، وبعد أن وفّقت في العثور على الأثر المقدّس في ١٤ أيلول من تلك السنة ، أوصت ابنها قسطنطين بزيارة القدس تبرّكا. وتنفيذا لرغبة والدته ، قام الأمبراطور بعد موتها سنة ٣٢٧ بتنفيذ الوصيّة ، فانطلق بموكب ملكيّ حاشد من مركز حكمه متّجها جنوبا نحو القدس ، سالكا الطريق الذي سلكته أمّه ، فمرّ بأنطاكية حيث أمر بإقامة نصب تذكاريّ لوالدته في بلدة دفنة هناك ، ومنها تابع سيره نحو جبيل ، واتّجه جنوبا حتّى بلغ خليج جونيه ، حيث توقّف الموكب للإستراحة في الربوع المحيطة ، فهرعت الوفود المسيحيّة لاستقباله وتكريمه مثلما كرّمت أمّه هيلانة من قبل. وتقول الحكاية إنّ الأمبراطور أمر إذ ذاك ببناء برج في المكان تخليدا لذكرى هيلانة ، ولتمكين سكّان المدينة المسيحيّين من الإحتماء فيه ولاستعماله في صدّ الغزوات. ومن هناك أكمل قسطنطين طريقه إلى القدس مرورا بصيدا حيث أمر ببناء برج آخر للغايات نفسها بجوار سيّدة المنطرة في مغدوشة.
في ما خلا أثري الكنيسة البيزنطيّة عند قلعة صربا وبرج هيلانة ، لم تحفظ لنا الآثار شيئا يذكر عن الحقبة الوسيطة في تاريخ جونيه. علما بأنّ الزلازل التي ضربت الشاطئ اللبناني بين سنتي ٥٥١ و ٥٥٥ ميلاديّة قد قضت على كلّ بناء ، وطمرت ما كان قائما من عمارات تحت طمي مدّ البحر الذي رافق الزلازل. غير أنّ المسار العام لتاريخ المحيط يفيد عن أنّ هذه المنطقة دامت مأهولة بسكّان مسيحيّين من سلالات الشعوب الساميّة القديمة