إلى ما حُرّك في جنبه جعله يشكّ في أنّه نام فعلاً ، أوْ لا ، فاستفهم عن حكمه ـ فقال له الإمام عليهالسلام : «لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك أمر بيِّن ، وإلاّ فإنّه على يقينٍ من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ ، ولكن ينقضه بيقينٍ آخر» (١).
والكلام في هذه الرواية يقع في عدّة جهات :
الجهة الاولى : في فقه الرواية بتحليل مفاد قوله : «وإلاّ فإنّه على يقينٍ من وضوئه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ» ، وذلك بالكلام في نقطتين :
النقطة الاولى : أنّه كيف اعتُبر البناء على الشكّ نقضاً لليقين مع أنّ اليقين بالطهارة حدوثاً لا يتزعزع بالشكّ في الحدث بقاءً؟! فلو أنّ المكلّف في الحالة المفروضة في السؤال بنى على أنّه محدِث لمَا كان ذلك منافياً ليقينه ؛ لأنّ اليقين بالحدوث لا ينافي الارتفاع فكيف يسند نقض اليقين إلى الشكّ؟
والتحقيق : أنّ الشكّ ينقض اليقين تكويناً إذا تعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين ، وأمّا إذاتغاير المتعلّقان فلاتنافي بين اليقين والشكّ ليكون الشكّ ناقضاًوهادماً لليقين.
وعلى هذا الأساس نعرف أنّ الشكّ في قاعدة اليقين ناقض تكوينيّ لليقين المفترض فيها ، لوحدة متعلقيهما ذاتاً وزماناً ، وأنّ الشكّ في مورد الاستصحاب ليس ناقضاً تكوينيّاً لليقين المفترض فيه ؛ لأنّ أحدهما متعلّق بالحدوث ، والآخر متعلّق بالبقاء ، ولهذا يجتمعان في وقتٍ واحد.
ولكن مع هذا قد يسند النقض إلى هذا الشكّ ، فيقال : إنّه ناقض لليقين بإعمال عنايةٍ عرفيّة ، وهي أن تلغى ملاحظة الزمان ، فلا نقطّع الشيء إلى حدوثٍ
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٩ ، باب الأحداث الموجبة للطهارة ، الحديث ١١