وتبيعتهم لهم ، ولا سيما الجنديشابوريين منهم نذكر القصة التي رواها او صنعها الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ هـ.
وهي على النحو التالي :
يقول الجاحظ :
كان أسد بن جاني (١) رجلا طبيباً ، وفي فترة ما توقف عمله ، وكسدت سوقه ، فقال له احد الاشخاص : الاوبئة كثيرة في هذه السنة ، وقد انتشرت الامراض كثيرا بين الناس ، وانت رجل عالم ، ولك صبر واناة ، كما وانك خدوم للناس ، صاحب لسان ، وعارف بأحوال الناس ... ومع كل هذا فما هو السر في كساد سوقك؟!
فأجاب : اولا : انني مسلم ، والناس قبل ان اكون طبيبا ، بل وقبل ان اخلق ، يعتقدون : ان المسلم لا يكون طبيبا ناجحا ...
وثانيا : ان اسمى ( اسد ) في حين يجب ان يكون اسمى صليبا ، او مرابل ، او يوحنا ، او بيرا ... وكنيتي : ابو الحارث. في حين انها يجب ان تكون : ابا ـ عيسى ، او ابو زكريا ، او ابو ابراهيم ... وارتدى عباءة من الكتان الابيض (٢). في حين انه كان يجب ان البس عباءة من الحرير الاسود (٣) نعم .. هكذا اصبح الناس
__________________
(١) لانعرف عن هذا الرجل الا ما ذكره عنه الجاحظ ، ولاندري انه كان شخصية حقيقية او مخترعة للجاحظ ليعبر عن مفهوم معين بهذا الاسلوب الطريف.
(٢) قال في عيون الانباء ص ٦٥٤ : « لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن ايوب الكرك اتى الى دمشق موفق الدين يعقوب بن سقلاب النصراني ، وهو شاب على رأسه كوفية ، وتخفيفة صغيرة وهو لابس جوخة ملوطة زرقاء ، زي اطباء الفرنج ، وقصد الحكيم موفق الدين بن المطران وصار يخدمه ويتردد اليه لعله ينفعه ؛ فقال له : هذا الزي الذي انت عليه ما يمشي لك به حال في الطب في هذه الدولة بين المسلمين ؛ وانما المصلحة ان تغير زيك ، وتلبس عادة الاطباء في بلادنا ، ثم اخرج له جبة واسعة عنابية وبقياراً مكملا ، وامره ان يلبسهما » انتهى ... وهذا يدل على تغيير الزي السابق المشار اليه في المتن.
(٣) البخلاء ص ١٢١ ط سنة ١٩٦٠ وتاريخ طب در ايران ج ٢ ص ٢٠٤ ومجلة الهادي سنة ٢ ـ عدد ٢ ص ٦٢.