على المتيقّن ؛ لأنّ خروج غيره من الزمان مستلزمٌ لخروج فردٍ آخر من العامّ غير ما عُلم خروجه ، كما إذا قال المولى لعبده : «أكرم العلماء في كلّ يوم» بحيث كان إكرام كلِّ عالمٍ في كلّ يومٍ واجباً مستقلا غير إكرام ذلك العالم في اليوم الآخر ، فإذا علم بخروج زيدٍ العالم وشُكّ في خروجه عن العموم يوماً أو أزيد ، وجب الرجوع في ما بعد اليوم الأوّل إلى عموم وجوب الإكرام ، لا إلى استصحاب عدم وجوبه ، بل لو فرضنا عدم وجود ذلك العموم لم يجز التمسّك بالاستصحاب ، بل يجب الرجوع إلى أصلٍ آخر ؛ كما أنّ في الصورة الاولى لو فرضنا عدم حجّية الاستصحاب لم يجز الرجوع إلى العموم ، فما أوضح الفرق بين الصورتين!
ثمّ لا يخفى أنّ مناط هذا الفرق ليس كون عموم الزمان في الصورة الاولى من الإطلاق المحمول على العموم بدليل الحكمة وكونه في الصورة الثانية عموماً لغويّاً ، بل المناط كون الزمان في الأُولى ظرفاً للحكم وإن فُرض عمومه لغويّاً ، فيكون الحكم فيه حكماً واحداً مستمرّاً لموضوعٍ واحد ، فيكون مرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في استمرار حكمٍ واحدٍ وانقطاعه فيستصحب. والزمان في الثانية مكثّرٌ لأفراد موضوع الحكم ، فمرجع الشكّ في وجود الحكم في الآن الثاني إلى ثبوت حكم الخاصّ لفردٍ من العامّ مغايرٍ للفرد الأوّل ، ومعلومٌ أنّ المرجع فيه إلى أصالة العموم ، فافهم واغتنم.
وبذلك يظهر فساد دفع كلام جامع المقاصد : بأنّ آية (أَوْفُوا ..) وغيرها مطلقةٌ لا عامّةٌ ، فلا تنافي الاستصحاب (١) إلاّ أن يدّعى أنّ
__________________
(١) الدافع هو صاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ٤٤.