وقوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)(١) ، فاللؤلؤ ما عظم من الجواهر ، والمرجان ما صغر. قاله الواحدى (٢). فإن قيل كيف؟ قال : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ، لا يخرج إلا من أحدهما وهو بحر الملح. فالجواب من ثلاثة أوجه ؛ أحدها : قال الثعلبى (٣) : إن الأصل يخرج / من أحدهما ، ثم حذف المضاف وانفصل الضمير [١١] واتصل بمن ، فصار منهما.
وقال غيره : إن البحرين لما صارا واحدا باتصالهما صح عود الضمير عليهما ، وصح أن يقال : يخرج منهما.
وقال بعضهم : بل الصّدفة (٤) تعلو على وجه الماء منتفخة فى وقت المطر ، فإذا وقع فيها قطر الماء انطبقت وغاصت فى البحر ، فما وقع فيه قطرة واحدة تربّت جوهرة كبيرة ، وتسمى عندهم الدرة اليتيمة. فإن عطبت صارت صدفة.
وما وقع فيه أكثر من قطرة تربى فيه بعدد القطر من الجواهر ، وذلك اللآلىء الصغار. فعلى هذا يكون الإسناد إليهما حقيقة لأن قطر المطر يكون كاللقاح للصّدفة «وتربيته» (٥) فى البحر (٦).
ومنها قوله تعالى حكاية عن فرعون ـ لعنه الله ـ (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي)(٧).
__________________
(١) سورة الرحمن ، آية (٢٢).
(٢) انظر : الواحدى : الوسيط فى تفسير القرآن المجيد ، ج ٤ ، ص ٢٢٠ ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وآخرين ، ط. أولى ، دار الكتب العلمية ، بيروت ١٩٩٤ م.
(٣) راجع : الوسيط فى تفسير القرآن المجيد ، ج ٤ ، ص ٢٢٠.
(٤) الحيوان الذى يتولد فى اللؤلؤ هو بعض الأصداف ، وهو دقيق القوائم ، لزج ، ينفتح بإرادة منه ، وينضم كذلك ، ويمشى أسرابا ، ويزدحم على المرعى. انظر : ابن الأكفانى : نخب الذخائر فى أحوال الجواهر ، ص ٢٦ ـ ٢٧ ، القاهرة ١٩٨٩ م.
(٥) «وتربيه» فى نسخة ح.
(٦) راجع تفسير القرطبى ، ج ١٧ ، ١٦٣ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٧) سورة الزخرف ، آية (٥١).