فصل
وأما الحائط الممتدة (١) بالجانب الشرقى عن النيل ، فذكر المسعودى : أنه لما أغرق الله فرعون ومن معه من الجنوب ، خشى ما بقى بأرض مصر من الذرارى والنساء والعبيد ، أن يغزوهم ملوك الشام والغرب ، فملّكوا عليهم امرأة ذات رأى وحزم ، يقال لها دلوكة (٢) ، فبنت على بلاد مصر حائطا يحيط بجميع البلدان ، وجعلت عليهم (٣) المحارس (٤) والأجراس (٥) ، والرجال متصلة أصواتهم بقرب بعضهم من بعض. وأثر هذا [٣٩] الحائط موجود إلى هذا الوقت ، وهو سنة ثمانين وسبعمائة ، ويعرف / بحائط العجوز.
قال المسعودى : وقيل إنما بنته خوفا على ولد لها كان كثير القنص ، فخافت عليه من سباع البر والبحر ، واغتيال من جاوز (٦) أرضهم من الملوك وأهل البوادى ، فحوّطت الحائط من التماسيح وغيرها. وقيل غير ذلك.
فملكتهم ثلاثين سنة ، واتخذت بمصر البرابى والصور ، وأحكمت آلات السحر وغير ذلك.
__________________
(١) «الممتد» فى نسخة ح.
(٢) هى الملكة دلوكة بنت زبّاء ، كانت ذات عقل ومعرفة وتجارب ، ولها شرف عال بين نساء مصر الذين بقوا بمصر بعد غرق فرعون وأصحابه ، وقد ملكت مصر عشرين سنة ، وكانت تبلغ من العمر ١٦٠ سنة. لمزيد من التفاصيل عنها راجع : فتوح مصر ، ص ٤٧ ، ٤٩ ؛ الخطط ، ج ١ ، ص ١٩٩ ؛ حسن المحاضرة ، ج ٢ ، ص ٣٣٤.
(٣) «عليها» فى نسخة ح.
(٤) «محارس» فى نسخة ح.
(٥) «الأحراس» فى نسخة ح وفى مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٥٨. والمثبت يتفق مع ما ورد فى فتوح مصر لابن عبد الحكم ، ص ٤٧ حيث قال : «وأمرتهم أن يحرسوا بالأجراس ، فإذا أتاهم أحد يخافونه ، ضرب بعضهم إلى بعض بالأجراس».
(٦) «جاور» فى مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٥٩.