قال اللغويون : واللواقح من الرياح : التى تحمل [الندى](١) ثم تمحه فى السحاب ، فإذا اجتمع صار مطرا. وقيل : إنما هى ملاقح. وأما قولهم : لواقح ؛ فعلى حذف الزائد.
قال ابن الجنى : قياس (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ)(٢) ملاقح ، لأن الريح تلقح السحاب ، وقد يجوز على معنى لقحت هى ، فإذا لقحت فزكت ، ألقحت السحاب ، فيكون هذا مما اكتفى فيه بالسبب على المسبب.
قال أهل اللغة : والريح العقيم التى لا ماء فيها سميت عقيما ؛ لأنها لا تلقح ، ولا تنتح. كالرجل العقيم ، والمرأة العقيم. ويجوز أن [تكون / الريح تحمل البخار الذى [٤٥] يجتمع](٣) فى الجو من البحر الملح إلى الغمام ، فيلقحها به. ويدل لذلك أنك تجد ماء المطر ـ فى الغالب ـ فيه ملوحة. وإنما ملّح لمجاورته للبحر على ما سبق.
وقد يشاهد البخار فى زمن البرد [يعلو](٤) من البحر إلى الجو ويتراكم ، حتى يصير فى مرأى العين كالسحاب ، فيجرى بالريح. فيجوز أن يكون بعض ما نشاهد من السحاب [مطرا](٥) كله ، وأن الله تعالى يسوقه إلى حيث يشاء. ويجوز أن يكون المطر ينزل من السماء كما ينزل منها البرد. قال الله تعالى : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ)(٦).
قال ابن عباس رضى الله عنهما : فى السماء جبال من برد ، كما فى الأرض جبال من حجر.
قال أبو الفرج بن الجوزى : والبرد يقع قطعا كبارا ، وقطعا صغارا. قال : ووقعت فى بعض السنين بردة عظيمة ، فاهتز لها إقليم مصر.
__________________
(١) «الندا» فى نسختى المخطوطة.
(٢) سورة الحجر ، آية (٢٢).
(٣) «يكون الريح تحمل البخار التى تجتمع» فى نسخة ز ، «يكون الريح يحمل البخار التى يجتمع» فى نسخة ح.
والمثبت هو الصحيح.
(٤) «يعلوا» فى نسختى المخطوطة.
(٥) «مطر» فى نسختى المخطوطة.
(٦) سورة النور ، آية (٤٣).