أي إذا أعملت أحد العاملين في الظاهر وأهملت الآخر عنه ، فأعمل المهمل في ضمير الظاهر ، والتزم الإضمار إن كان مطلوب العامل مما يلزم ذكره ولا يجوز حذفه ، كالفاعل ، وذلك كقولك «يحسن ويسيء ابناك» فكل واحد من «يحسن» و «يسيء» يطلب «ابناكا» بالفاعلية ، فإن أعملت الثاني وجب أن تضمر في الأول فاعله ، فتقول : «يحسنان ويسيء ابناك» وكذلك إن أعملت الأول وجب الإضمار في الثاني فتقول : «يحسن ويسيئان ابناك» ومثله : «بغى واعتديا عبداك» وإن أعملت الثاني في هذا المثال قلت «بغيا واعتدى عبداك» ولا يجوز ترك الإضمار ؛ فلا تقول : «يحسن ويسيء ابناك» ولا «بغى واعتدى عبداك» : لأن تركه يؤدي إلى حذف الفاعل ، والفاعل ملتزم الذكر وأجاز الكسائي ذلك على الحذف ، بناء على مذهبه في جواز حذف الفاعل (١). وأجازه الفرّاء على توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر (٢) ، وهذا بناء منهما على منع الإضمار في الأول عند إعمال الثاني ؛ فلا تقول : «يحسنان ويسيء ابناك» وهذا الذي ذكرناه عنهما هو المشهور من مذهبهما في هذه المسألة.
__________________
استئنافية. قد : حرف تحقيق. بغى : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف. واعتديا : الواو عاطفة اعتديا : فعل ماض مبني على الفتح ، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل. عبداكا : فاعل بغى مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة والكاف مضاف إليه والألف للإطلاق.
(١) يجيز الكسائي حذف الفاعل في باب التنازع عند إعمال الثاني فرارا من الإضمار قبل الذكر ، ولكنّ حذف العمدة أشنع مما فرّ منه.
(٢) يكون توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر إن عطفا بالواو ، واتفقا في طلب الرفع ، أو النصب. مثل : حجّ واعتمر خالد. وضربت وأكرمت سعيدا ، فإن اختلف العاملان أضمر مؤخرا مثل : ضربني وضربت زيدا هو ، فرارا من الإضمار قبل الذكر ، أو حذف الفاعل.