جملة أجيب بها الشرط ، فكأنه قال : «من يأتني فهو مكرم» ، والفتح على جعل «أنّ» وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف والتقدير : «من يأتني فإكرامه موجود» ، ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا والتقدير : «فجزاؤه الإكرام» (١).
ومما جاء بالوجهين قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢) قرئ «فإنه غفور رحيم» بالفتح والكسر ، فالكسر على جعل جملة إنّ جوابا ل «من» ، والفتح على جعل «أنّ» وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف والتقدير : «فالغفران جزاؤه» ، أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير «فجزاؤه الغفران».
(د) وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت «إنّ» بعد مبتدأ هو في المعنى قول ، وخبر «أن» قول ، والقائل واحد نحو : «خير القول أني أحمد الله» ، فمن فتح جعل «أنّ» وصلتها مصدرا خبرا عن «خير» والتقدير : «خير القول حمد الله» ، ف «خير» : مبتدأ ، و «حمد الله» : خبره. ومن كسر جعلها جملة خبرا عن «خير» كما تقول : «أوّل قراءتي : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)(٣) ، ف «أوّل» : مبتدأ ، و «سبّح اسم ربك الأعلى» : جملة خبر عن «أوّل» ، وكذلك «خير القول» : مبتدأ ، و «أنّي أحمد الله» ؛ خبره.
ولا تحتاج هذه الجملة إلى رابط لأنها نفس المبتدأ في المعنى ، فهي مثل : «نطقي الله حسبي» ، ومثّل سيبويه هذه المسألة بقوله : «أول ما أقول أنّي أحمد الله» ، وخرّج الكسر على الوجه الذي تقدم ذكره ،
__________________
(١) الوجه الثاني أرجح لكثرة ما يحذف المبتدأ بعد فاء الجزاء ، وجملة المبتدأ والخبر : جواب الشرط في محل جزم.
(٢) سورة الأنعام (٥٤).
(٣) سورة الأعلى (١).