يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ» (١).
ومما جاء بدون فاصل قوله :
١٠٨ ـ علموا أن يؤمّلون فجادوا |
|
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (٢) |
__________________
(١) من قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) الأعراف (١٠٠) والشاهد فيها كالآية السابقة. واسم «أن» ضمير الشأن المحذوف أو ضمير الجماعة (أننا).
(٢) لا يعلم قائل هذا البيت. والسؤل : المسؤول.
المعنى : أنهم قوم كرام يعلمون أن الناس يرجون معروفهم ونوالهم ، فأغدقوا عليهم العطاء كأكثر ما يسأل الناس قبل أن يطلب منهم أحد شيئا.
الإعراب : علموا : علم : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : فاعل ، أن : مخففة من الثقيلة تنصب الاسم وترفع الخبر ، واسمها : ضمير الشأن المحذوف ، يؤملون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون ، والواو : في محل رفع نائب فاعل ، والجملة في محل رفع خبر أن ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي علم ، فجادوا : الفاء : حرف عطف ، جادوا : فعل وفاعل ، والجملة معطوفة على جملة علموا الابتدائية لا محل لها من الإعراب. قبل : ظرف زمان منصوب متعلق بجادوا ، أن : مصدرية ناصبة ، يسألوا : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو : نائب فاعل ، وأن يسألوا : في تأويل مصدر مجرور بإضافة الظرف إليه ، بأعظم : جار ومجرور متعلق بجادوا ، سؤل : مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله : «أن يؤملون» فقد جاء خبر «أن» المخففة جملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء دون فاصل ، وهو نادر ، والكثير : أن سيؤملون. وبعضهم خرّجه على أنّ (أن) ليست مخففة وإنما هي المصدرية الناصبة للفعل المضارع ، وأنها لم تنصبه هنا ، ولم تنصبه في الآية التي ستلي ، وهذا الرأي ضعيف لسببين.
(أ) أن جمهور النحاة ذهب إلى اعتبار (أن) الواقعة بعد علم غير مؤول بالظن مخففة حتما.
(ب) أن الشاعر قال في الشطر الثاني (قبل أن يسألوا) فنصب بأن ، ولا يلفق الشاعر عادة بين لغتين.