المطابق للواقع ، وإنما الظن الاطمئناني علم حكما ـ لا حقيقة ـ لوجود مناط الاعتبار فيه اقتضاءا ، والفرق بينه وبين العلم إمكان نفي الاعتبار عنه دون العلم ، وأن الاطمئنان له مراتب بخلاف العلم».
ومن هذا وغيره نعرف أن درجة الرجحان في القطع أقوى منها في الاطمئنان ، وأنه يملك قوة الدفع أكثر من الاطمئنان ، وينعدم فيه احتمال الخلاف تماما ، بينما في الاطمئنان يبقى احتمال للخلاف ، وإن كان احتمالا ضعيفا جدا بحيث يلحقه العقلاء بالعدم ، ولا يعتنون به عمليا ، وأن حجية القطع عقلية ، يحكم بها العقل ، ولا يمكن للمعتبر سلبها عن القطع ، ما دامت تملك ملازمة ذاتية للقطع ، ولا تنفك عنه ، بينما الاطمئنان ... فإن حجيته عقلائية ، فالعقلاء هم الذين. يحكمون بحجيته ، والعمل وفقه ، ولأجل توفر احتمال الخلاف في الاطمئنان ، أمكن سلب الحجية عنه؟ بينما القطع لا يملك أي احتمال للخلاف في ذهن القاطع ، لذلك لا يمكن سلب الحجية عنه ، وهذا ما يصرحون به في بحث القطع.
وهناك خلاف بين العلماء القائلين بحصول العلم من الخبر المتواتر ، هل أن العلم الحاصل منه ضروري أو نظري كسبي ، ذهب بعضهم أمثال أبي الحسن البصري والغزالي والكعبي وغيرهم ، إلى النظري ، مستدلين بتوقف حصول العلم منه على مقدمات نظرية كانتفاء المواطاة ودواعي الكذب وكون المخربة محسوسا ، بينما ذهب الأكثر إلى أنه ضروري ، مستدلين بحصوله لمن لم يكن من أهل النظر والاستدلال كالصبيان والبله ولافتقر إلى الدليل فلا يحصل للعوام ، وهو حاصل.
وفصل آخرون كالسيد المرتضى ، وحكي عن الشيخ في العدة ففي بعض الموارد العلم ضروري ، وفي أخرى نظري (١٥) ، وعلى كل حال فالمهم أنهم يقولون بحصول اليقين والعلم من الخبر المتواتر.
وأقوال العلماء في تعريف التواتر ، وفي كيفية حصول العلم من التواتر ،
__________________
(١٥) يراجع : شرح البداية في علم الدراية : ٦٠ ، ومقباس الهداية : ٢٨ وغيرهما.