وهذا الاختلاف في قوة الاحتمال وضعفه ، وفي حجم العدد ، وفي الوقوع ، لا يختص بالروايات الشرعية ، بل يشمل الأمثلة والأخبار العرفية والتاريخية أيضا.
شروط الخبر المتواتر
وقد ذكر لتحقق التواتر وصدقه ، وفي حصول العالم منه واعتباره ، شروط نذكرها : والملاحظ أن العلماء فرقوا بين نوعين من الشروط ، شروط لتحقق التواتر ، وشروط لحصول العلم من الخبر المتواتر ، وسنشير لذلك خلال ذكرنا لهذه الشروط.
١ ـ العدد : فإنه يشترط في تحقق التواتر وصول العدد إلى الحد الذي يستحيل معه التواطؤ على الكذب أو الخطأ ، بحيث يفيد العلم عادة ، وقد ذكرنا بأنه لا يشترط عدد معين فيه ، ولا يشترط في هؤلاء المخبرين أن يكونوا ثقاتا وعدولا كما يشترط ذلك في حجية الخبر الواحد ، بل أن الكثرة العددية تكفي لحصول العلم منه ، ولكن للوثاقة والخبرة والعدالة وغيرها من صفات الراوي تأثيرها في سرعة حصول العلم وبطئه ، فإن حصول اليقين من الثقات أسرع من حصوله من غيرهم.
٢ ـ «أن يكون المخبر عنه محسوسا بالبصر ، أو غيره من الحواس الخمس» (٣) ، فينحصر التواتر في الإخبار عن المحسوسات التي تعرف عليها المخبر بإحدى حواسه ، وبذلك يكون إخباره صادرا عن علم ضروري مستند إلى محسوس ، كما لو نقل كلام شخص سمعه أو حادثة شاهدها بعينيه.
ويضاف للأمور المحسوسة ، الأمور القريبة من الحس ، التي لها آثار محسوسة ، كالشجاعة والكرم ، فإنها وإن كانت صفات نفسية ، إلا أن آثارها حسية ، فهذه الصفة قريبة للحس ، ولذلك يتحقق التواتر في شجاعة الإمام
__________________
(٣٥) شرح البداية : ٦٥ حديث ١.