الهجري ، والى زمن وقوع هذه الفجيعة العظمى ، أي منذ استشهاد الامام عليهالسلام وما يقرب من عهد الصحابة والتابعين لهم. وكما قلت في تلك الفصول : إن هذا العزاء كان في أول أمره محدوداً جداً وصغير الحجم ، وكان يقام تحت التستر والخفاء والتقية ، كما أن إقامة هذه النياحة على الامام الشهيد لم تكن كما يتصوره البعض من مستحدثات القرون الوسطى والأخيرة ، مدعين أنها تولدت على عهد الملوك الصفويين ، وإنما هي قديمة ولكنها على زمن الصفويين اتسع نطاقها ، واشتد إقبال الناس عليها.
وكما مر في تلك الفصول أيضاً : انه كلما توسع المذهب الشيعي في العراق أو سائر البلدان العربية والاسلامية ، وخفت وطأة السلطات المعادية له ، كلّما اشتد الموالون لآل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بإقامة ذلك العزاء وتلك النياحة ، تحت اسم الرثاء أو النياحة خاصة في مشاهد الأئمة الاطهار عليهمالسلام. وكما أثبت التاريخ أن جذور هذه النياحات والمآتم كانت في العراق ثم اتسع نطاقها وامتدت الى الشعوب والأمم الأخرى ، كمصر على عهد الفاطميين ، وإيران على عهد الصفويين ، وسوريا والموصل ولبنان على عهد الحمدانيين ، والمغرب الأفريقي على عهد العلويين والادريسيين ، والهند على عهد كثير من راجات الشيعة وملوكهم.
ولذلك أبدأ بوصف موجز جداً لما كان ولم يزل يجري في البلاد العربية ، ثم البلدان الاسلامية والاقطار العالمية ، من مراسم وشعارات مجالس الحزن ومجتمعات النياحة على الحسين عليهالسلام وبعض ما تناقلته المؤلفات وأقلام الكتاب من مغزى هذه الفاجعة العظيمة :
١ ـ جاء في الصفحة «١٣٥» من كتاب « نهضة الحسين » لمؤلفه السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ، ما عبارته :
« وامتدت جاذبية الحسين عليهالسلام وصحبه من حضرة الحائر الى تخوم الهند وأعماق العجم ، وما وراء الترك والديلم والى أقصى من مصر والجزيرة والمغرب