افتتح أعماله في الخلافة بمطاردة شيعة علي بن أبي طالب عليهالسلام وتضييق السبيل عليهم ، ومنع إقامة أية مناحة أو مأتم على الحسين الشهيد عليهالسلام وهدم قبره الشريف عدة مرات ، ثم كربه وحرثه وأسال الماء عليه ، وأقام المراصد والمسالح على السبل المنتهية الى المثوى الطاهر ، وحجز زائريه عن زيارته ، وعاقبهم بالقتل والتمثيل بهم أفضع تمثيل ، كل ذلك على يد قائده ديزج اليهودي.
ولكن ابنه المنتصر عارض أباه في كلّ ذلك ، بل أعاد قبر الامام الشهيد عليهالسلام الى ما كان عليه ، وأصلح القبور حوله ، وأطلق الحرية للشيعة في زيارة مثوى الإمام ، وإقامة المآتم والمناحات حوله ، وفي دورهم ومحلات عبادتهم. كما أمر بإقامة ميل يستدل به الزائر على قبر الامام الشهيد.
وفي عهده تزايد وفود الزوار ولا سيما العلويون منهم على زيارة قبر الامام الحسين وإقامة المآتم والعزاء حوله ، ثم السكنى بجواره.
وكان في مقدمة هؤلاء المجاورين السيد إبراهيم المجاب الضرير الكوفي الجد الأعلى لكثير من الأسر العلوية في العالم. وقد وضع السيد إبراهيم الحجر الأساس لمجالس العزاء والمآتم والمناحات الدائمة على الامام الحسين حول قبره المطهر ، بصورة منتظمة ، وبترتيب منسق ، ونزل المجاب كربلاء سنة «٢٤٧ هـ».
أما الخلفاء الذين خلفوا المنتصر فكانوا من الضعف ومن سوء التدبير وعدم تسلطهم على السلطة الزمنية بحيث لم يبق لهم حول ولا قوة على مجريات الأمور ، وكانوا يقنعون بلقب الخلافة وإدارة بعض الشؤون الدينية ، وإلقاء الخطبة باسمهم على المنابر ، أما شؤون الدولة وإدارة البلاد فكانت تسير القهقرى ، خاصة بعد استفحال نفوذ الأتراك الذين اصطفاهم الخلفاء لدرء بعض الأخطار. ثم أصبحت الأمور بعد ذلك يبد الأمراء البويهيين لمدة «١٣٣» سنة ، أي من سنة «٣٣٤ هـ» الى سنة «٤٦٧ هـ» ، ثم انتقلت منهم الى يد السلجوقيين الأتراك لمدة «١٠٨» سنة ، أي من «٤٦٧ هـ» الى «٥٧٥ هـ».