المسلمين أرض الأندلس وبقيت هذه التقاليد في هذه البلاد الاسلامية النائية حتى القرن الثامن الهجري ـ كما يستبان من كلام ابن الخطيب ـ ويستنتج من استعمال كلمة الحسينية التي استعملها المسلمون هناك لإقامة العزاء الحسيني وإنشاد المراثي فيها أنه كان للشيعة شأن يذكر في الأندلس.
هذا وقد نشرت المجلة السالفة الذكر في عددها الثالث لسنتها الأولى المؤرخ صفر ١٣٩٢ هـ تتمة مقال الاستاذ السعداني ، الذي نقل فيه بعض المراثي على الامام الشهيد ، تلك المراثي التي إن دلت على شيء فإنما تدل على تغلغل المذهب الشيعي في بعض طبقات الشعب في الاندلس والمغرب العربي ، وعلى شدة تعلقهم بالحسين الشهيد ، وقيامهم بمراسيم النوح عليه في ذكراه الأليمة.
إن ما قاله الاستاذ السعداني في ذلك هو ما يلي :
كما أفادنا ابن الخطيب بنقله نموذجاً لهذه المراثي مدى عناية الشعراء بهذا الموضوع. وعرفنا بأحد شعراء الشيعة في الأندلس ، الذي اشتهر برثاء سيدنا الحسين ، وهو أبو البحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم النجيي المرسي ( ٥٦١ ـ ٥٩٨ هـ) هذه القصيدة كانت مشهورة وينشدها المسمعون ، وهي كما يلي :
سلام كأزهار الربى يتنسم |
|
على منزل منه الهدى يتعلم |
على مصرع للفاطميين غيبت |
|
لأوجههم فيه بدور وأنجم |
على مشهد لو كنت حاضر أهله |
|
لعاينت أعضاء النبي تقسم |
على كربلاء لا أخلف الغيب كربلا |
|
وإلا فان الدمع أندى وأكرم |
مصارع ضجت يثرب لمصابها |
|
وناح عليهن الحطيم وزمزم |
ومكة والاستار والركن والصفا |
|
وموقف حج والمقام المعظم |
ثم يستطرد الشاعر بإسناد القصيدة على هذا الوتر ، ويقول :
لو أن رسول الله يحيى بعيدهم |
|
رأى ابن زياد أمهكيف تعقم |
وأقبلت الزهراء قدس تربها |
|
تنادي أباها والمدامع تسجم |