ومن آداب السلام ما ثبت في الصحيحين أنه « يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير » وروى البخاري سلام الصغير على الكبير. ومسلم « أنه ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، مر بصبيان فسلم عليهم » ، وللترمذي « أنه مر بنسوة فأومأ بيده بالتسليم ». وقال بعض العلماء : المستحب أن يسلم الرجال على النساء المحارم مطلقاً ، والعجائز الاجنبيات دون غيرهن. وكان ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، يسلم على القوم عند المجيء وعند الانصراف (١) ، ذكره ابن القيم في الهدى وقال :وكان يسلم بنفسه على من يواجهه ، ويحمل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، وإذا بلغه أحد السلام عن غيره يرد عليه وعلى المُبلغ به ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ، وإذا سلم عليه أحد رد عليه مثل تحيته أو أفضل منها على الفور من غير تأخير إلا لعذر ، مثل حالة الصلاة (٢) ، وحالة قضاء الحاجة ، وكان يسمع المسلم عليه رده ، ولم يكن يرد بيده ، ولا رأسه ، ولا إصبعه ، إلا في الصلاة (٢) ، فإنه كان يرد إشارة ، ثبت عنه ذلك في عدة أحاديث (٣) ، ولم يجئ ما يعارضها إلا بشيءٍ باطل لا يصح عنه (٤) ..
أدب السلام من أدب الإسلام العالي [ السامي ] ، الذي لا يكاد يجمعه غيره على حد تعبير البعض (٥) ، لو يعلم به أهل العالم لاعتنقوه ، إذا لم يبخل به أهل الإسلام قال البعض :
( ولكن خلف من بعدهم خلف أرادوا أن يمنعوا غير المسلم من كل شيءٍ يعمله المسلم ، حتى من النظر في القرآن ، وقراءة الكتب المشتملة على آياته ، وظنوا أن هذا تعظيم للدين ، وصون له عن المخالفين. وكلما زادوا بُعداً عن حقيقة الإسلام زادوا إيغالاً في هذا الضرب من التعظيم ،
__________________
١ ـ يأتي بحثه في ١٠ ـ سلام الوداع.
٢ ـ بل يرد بمثل ما قال.
٣ ـ تأتي أحاديث الرد القولي في ٨ ـ السلام ندب والرد فرض.
٤ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١٦.
٥ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١٤ ـ ٣١٥.