هاتيك العظيمتين ثم قال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته مَن أنت؟ فقال : أنا رجل من رعيتك وأهل بلادك ، قال : ما أنت من رعيتي وأهل بلادي ، ولو سلمت عليّ يوماً واحداً ماخفيت عليّ؟ فقال : الأمان يا أمير المؤمنين ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : هل أحدثت في مصري هذا حدثاً منذ دخلته؟ قال : لا. قال : فلعلك من رجال الحرب؟ قال : نعم ، قال : إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس ، قال : أنا رجل بعثني إليك معاوية متغفلاً لك أسألك عن شيءٍ بعثني فيه ابن الأصفر (١) وقال له : إن كنت أنت أحق بهذا الأمر والخليفة بعد محمد ، فأجبني عما أسألك ، فإنك إن فعلت ذلك أتَّبعك وأبعث إليك بالجائزة ، فلم يكن عنده جواب وقد أقلقه ذلك ، فبعثني إليك لأسألك عنها ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : قاتل الله ابن آكلة الأكبادما أضله وأعماه ومَن معه ، والله لقد أعتق جارية فما أحسن أن يتزوج بها ، حكم الله بيني وبين هذه الأمة قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ودفعوا حقي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي ، عليّ بالحسن والحسين ومحمد فأحضروا فقال : يا شامي هذان ابنا رسول الله وهذا ابني. فاسأل أيهم أحببت ، فقال : أسأل ذا الوفرة يعني الحسن عليهالسلام ، وكان صبياً ، فقال له الحسن عليهالسلام : سلني عما بدا لك. فقال الشامي : كم بين الحق والباطل؟ وكم بين السماء والأرض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ وما قوس قزح؟ وما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين؟ وما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين؟ وما المؤنث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟ فقال الحسن بن علي عليهالسلام : بين الحق والباطل أربع أصابع فما رأيته بعينك فهو الحق وقد تسمع بأذنيك باطلاً كثيراً ... »(٢).
أقـول :
الحديث طويل وليس فيه الشاهد إلا الكامل من صيغ السلام ، وبيان منتهى الجواب الأول ، وأمير المؤمنين عليهالسلام المجيب. فالحديث من
__________________
١ ـ أي : ملك الروم وإنما سمّي الروم بني الأصفر لأن أباهم الأول كان أصفر اللون هامش الخصال ٢ | ٤٤٠.
٢ ـ الخصال ٢ | ٤٤٠ ـ ٤٤١ ، باب العشرة ، الوسائل ٨ | ٤٤٨.