سألتني وإن شئت أنبأتك ، قال : أنبئني يارسول الله ، فقال : جئت تسألني عن الصلاة ، وعن الوضوء ، وعن السجود ، فقال الرجل : أي والذي بعثك بالحق ، فقال : أصبغ الوضوء ، واملأ يديك من ركبتيك ، وعفّر جبينك في التراب ، وصلّ صلاة مودع » الحديث (١).
والنبوي : « عليك باليأس ممّا في أيدي الناس ؛ فإنّه الغنى الحاضر ، وإياك والطمع ، فإنه الفقر الحاضر ، وصلّ صلاة مودّع ... » (٢).
بيـان :
كان الغرض من ذكر هذه الأحاديث الإصابة لموضع الوداع المطلوب والنافع ، وقد عرفت معنى « صلاة مودّع » أن يرى أنّه لا يوفق لغيرها من صلاة ، أي لم يبق حيّاً حتى يصلّي ، فما حال من يؤمن أن يموت بعد صلاته هذه مباشرة ، على النقل المتقدم من أهل اللغة لتفسير سلام الوداع مع الحبيب ، ومن يهمك لقاؤه ؛ وعند الفراق وغيبته ما موقفه؟.
خاصة الافتراق الذي لا لقاء بعده إلا القيامة ؛ وهو هنا يتجسد لدى الموالي لأهل البيت عليهمالسلام ، فرقتهم الحازة للقلوب ، وليتصور ساعة وداع الإمام الحسين عليهالسلام ، مع حرمه ، وأطفاله ، وولده السجاد ، وأخته زينب بنت أمير المؤمنين عليهم سلام الله ، وقد جاء في الأثر : « إنّ الحسين لمّا نظر إلى اثنين وسبعين رجلاً من أهل بيته صرعى ، التفت إلى الخيمة ونادى : ياسكينة! يا فطمة! يازينب! يا أمّ كلثوم! عليكنّ منّي السلام ... » (٣).
وسلام الوداع مؤخّر عن كلمة « عليك ، أو عليكم ، أو عليكنّ » كما سمعت من الخبر ، وقد يقال جرياً على التحاور المألوف من باب التفاؤل بالعود ، كما جاء ذلك في الحديث العلوي : « تفاءل بالخير تنجح » (٤).
__________________
١ ـ الوسائل ٤ | ٦٧٨.
٢ ـ الوسائل ١١ | ٣٢٢.
٣ ـ البحار ٤٥ | ٤٧.
٤ ـ غرر الحكم ١٥٣.