على قلوبهم » أي : عن تركهم إيّاها ، والتخلّف عنها. يقال : وَدَعَ الشيء ، يَدعُه وَدْعاً : إذا تركه. والنَّحاة يقولون : إن العرب أماتوا ماضي يَدَعُ ، ومصدَرَه ، واستغنوا عنه بتَرَكَ. والنبي صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم أفصح. وإنّما يحمل قولهم على قلّة استعماله ، فهو شاذّ في الاستعمال ، صحيح في القياس. وقد جاء في غير حديث ، حتى قرئ به قوله تعالى :( ما وَدَعَكَ ربّك وما قلى ) بالتخفيف (١).
وقال ابن فارس : الواو والدال والعين : أصل واحد يدلّ على الترك والتخلية. وَدَعَه : تركه ، ومنه دَعْ. وينشد :
ليت شعري عن خليلي ما الذي |
|
غاله في الحبّ حتى وَدَعه (٢) |
ومنه ودَّعتُه توديعاً. ومنه الدَّعَة : الخفض ، كأنّه أمر يترك معه ما يُنصِب (٣).
أقول : في الباقري : « كان علي بن الحسين عليهماالسلام يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين عليهالسلام ، كان له خمس مائة نخلة ، وكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين ، وكان إذا قام في صلاته غشى لونه لون آخر ، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي المَلِكِ الجليل ، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله ، وكان يصلّي صلاة مودّع ، يرى أن لا يصلّي بعدها أبداً ... » (٤).
والصادقي قال : أتى النبي صلىاللهعليهوآله رجلان ، رجل من الأنصار ، ورجل من ثقيف ، فقال له الثقفي : « يا رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، حاجتي فقال : سَبَقَكَ أخوك الأنصاري ، فقال : يا رسول الله إنّي على سفر وإني عجلان ، وقال الأنصاري : إنّي قد أذنت له ، فقال : إن شئت
__________________
١ ـ النهاية ٥ | ١٦٥ ـ ١٦٦ ـ ودع ـ.
٢ ـ البيت لأبي الأسود الدؤلي في اللسان ـ ودع ـ.
٣ ـ معجم مقاييس اللغة ٦ | ٩٦ ـ ودع ـ.
٤ ـ الوسائل ٣ | ٧٣.