تفسير الآية أي آية السلام :
للمفسرين حول الآية كلام محصله : أي ذو السلامة من النقائص ، وأنها النسبة ، ثم اختلفت أقوالهم في ترجمة النسبة على ثلاثة أقوال :
الأول : معناه : الذي سلم من كل عيب وبرئ من كل نقص.
الثاني : معناه : ذو السلام أي المسلم ـ بمعنى التحية ـ على عباده في الجنة ، كما قال ـ تعالى ـ : ( سلام قولاً من رب رحيم ) (١).
الثالث : أن معناه : الذي سلم الخلق من ظلمه. وتعود هذه الأقوال الثلاثة إلى تنزيه الذات ، وتنزيه الصفات (٢).
أقول : وإنما قدرت كلمة « ذو » إذا ما لم يستقم المعنى بدونها أو لم يصح ، ولا ريب في الاستقامة : بأن يكون حمل المصدر عليه تعالى نظير ( الله نور السموات والأرض ) (٣). وسيأتي من الشيخ الصدوق ما يؤيده ، وأما المعاني الثلاثة فلا بأس بها ، وقبل ذكر كلام الصدوق ، طاب ثراه ، نقدم حديثاً يفسر السلام بالأمن من الشر وبالأمان.
روى الشيخ الصدوق بإسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن معنى التسليم في الصلاة ، فقال : التسليم علامة الأمن وتحليل الصلاة ، قلت : وكيف ذلك جعلت فداك؟ قال : كان الناس فيما مضى إذا سلم عليهم وارد أمنوا شره ، وكانوا إذا ردوا عليه أمن شرهم ، وإن لم يسلم لم يأمنوه ، وإن لم يردوا على المسلم لم يأمنهم ، وذلك خلق في العرب (٤) ، فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة ، وتحليلاً للكلام ، وأمناً من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها ، والسلام اسم من أسماء الله عز وجل وهو واقع من المصلي على ملكي الله الموكلين » (٥).
__________________
١ ـ يس : ٥٨.
٢ ـ تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ١٨ | ٤٦ ، محصله.
٣ ـ النور : ٢٥.
٤ ـ العادة مستمرة إلى اليوم في بعض قبائل العرب.
٥ ـ الوسائل ٤ | ١٠٠٦ ، الباب ١ من أبواب التسليم ، الحديث ١٣.