في الحديث جهتان :
الأولى : تفسير للسلام بالأمن من الخوف والشر ، مستنداً بما كان فيما مضى من العرب يأمنون من الشر عند سماع السلام من الوارد عليهم وجوابهم له ، ثم تطبيق ذلك على تسليم المصلي في صلاته ، وأن معناه الأمن من خوف ما يبطلها ويفسدها ؛ لأنه قد فرغ من صلاته بالسلام فلا صلاة باقية حتى يخاف من إفسادها ، وأنها سالبة بانتفاء الموضوع. فهذه هي الجهة الأولى المرتبطة بتفسير السلام بالأمن وتطبيقه على الصلاة.
الجهة الثانية : أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ، يسلم به المصلي على الملكين الموكّلَين على أعمال العبد ، وهما الرقيب والعتيد ، قال تعالى : ( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) (١). أي الملكان حاضران عنده يرقبان أقواله وأعماله ، والقول هنا تمثيل بلا قصر عليه. وسلام المصلي الذي هو اسم الله عز وجل يكون منه عليهما ، لأنهما المستحقان له ، إذ هما من الكرام الكاتبين المصرح بهم في آية : ( وإن عليكم لحافظين * كراماً كاتبين * يعلمون ما تفعلون ) (٢).
وبقرينة الجهة الأولى المفسرة للسلام بالأمن من الخوف ، يعلم أن اسم الله السلام المذكور في آخر الحديث ، معناه الأمن من الخوف تفسيراً من الإمام عليهالسلام له بالأمن ، وتطبيقاً منه على المصلي بسلامه على الملكين. وعليه فاسم الله السلام هو الأمن. ولا يأبى التفسير الثالث المتقدم ذكره من القرطبي أي : ( الذي سلم الخلق من ظلمه ) ؛ فإن من
__________________
١ ـ ق : ١٧ ـ ١٨.
٢ ـ الانفطار : ١٠ ـ ١٢.
أقول : قد تكرر اسم الله السلام في الأدعية والأحراز والعوذات ، فضلاً عن الأحاديث ، فمن العوذات عوذة يوم الأربعاء ، قد ذكرها السيد ابن طاووس طاب ثراه في كلام له إلى أن قال : « ... وبأسمائه أحرزت نفسي وإخواني ، وما أنعم به علي ربي ، ونحن في جوار الله ، والله العزيز الجبار ، الملك القدوس ، القهار ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الغفار ، عالم الغيب والشهادة ، الكبير ، المتعال ، هو الله ، هو الله ، هو الله لا شريك له ، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين ». جمال الأسبوع : ٩٨.