وإحسان كل شيء خَلَقَه : ملاءمة أجزائه بعضها لبعض المنوط بها الغرض والغاية من خلقه وإحسان كل شيءٍ بحسبه.
وإتقان كل شيءٍ : إحكام خلقه وتسويته على ما ينبغي له. فالكون منتظم بنظامٍ ـ لا فوقه نظام ـ سالم عن أي نقص متوهم فيه ، والكل على نسق واحد ، لا تفاوت فيه من حيث العطاء والحسن وجمال الصنع ، ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ) (١). والعالم كله سالم باسم الله السلام ، وإليك ماوعدناه سابقاً :
قال الشيخ الصدوق عند تفسيره لأسماء الله الحسنى :
( السلام ) : معناه المسلم وهو توسع ، لأن السلام مصدر، والمراد به أن السلامة تنال من قبله ، والسلام والسلامة مثل الرضاع والرضاعة واللذاذ واللذاذة. ومعنى ثانٍ : أنه يوصف بهذه الصفة لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنفص والزوال والانتقال والفناء والموت. وقوله عز وجل : ( لَهُم دارُ السَّلامُ عنْدَ رَبّهِمْ ) (٢) ، فالسلام هو الله عز وجل ، وداره الجنة. ويجوز أن يكون سماها سلاماً ؛ لأن الصائر إليها يسلم فيها من كل ما يكون في الدنيا ، من مرض ، ووصب ، وموت ، وهرم ، وأشباه ذلك ، فهي دار السلامة من الآفات والعاهات. وقوله عز وجل : ( فَسلامٌ لَكَ مِنْ أَصحابِ اليَمينِ ) (٣) يقول : فسلامة لك منهم أي : يُخبرك عنهم سلامة. والسلامة في اللغة : الصواب والسداد أيضاً ، ومنه قوله عز وجل : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (٤) ، أي: سداداً وصواباً ، ويقال : سمي الصواب من القول سلاماً ، لأنه يسلم من العيب والإثم (٥).
__________________
١ ـ الملك : ٣.
٢ ـ الأنعام : ١٢٧.
٣ ـ الواقعة : ٩١.
٤ ـ الفرقان : ٦٣.
٥ ـ كتاب التوحيد. ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
أقول روى الصدوق الباقري « يقول قول الله عز وجل : ( والله يدعو إلى دار السلام ) فقال : إن السلام هو الله عز وجل وداره التي خلقها لأوليائه الجنة » معاني الأخبار ١٧٧ ، الآية : ٢٥ من يونس.