ومع تفسير السلام بالسداد والصواب تربعت الوجوه (١) : الأمان من الشر ، والمصون من العيب ، ومعطي السلام ، والصواب والسداد ، وعلى الوجه الرابع أي السلام بمعنى الصواب والسداد جائز إطلاقه على الله تعالى وإرادة معناه المذكور ؛ لأن كل كلامه عزّ وجلّ صواب وسداد وحق ، بل هو الحق بحقيقته ، وقد وصف نفسه بقوله عز من قائل : ( فتعالى الله المَلِكُ الحق لا إله إلاّ هو ربّ العرش الكريم ) (٢).
ولابدّ أن يراد بالصواب المفسّر به السلام الحق أو المحقّ الحقّ ، وقد جاء في القرآن الكريم ذلك في مواضع منها : ( ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) (٣). وأما غيره من المخلوقين ، فيجوز إطلاقه بما للصواب من المعاني ومنها السلام.
وأما السلام بمعنى المنيل للسلامة فمقصور عليه تعالى ، إذ لا يهب السلامة لأهلها إلا الله عزّ وجلّ ، نعم السلام بمعنى ترك الشر ، أو ترك الحرب ، يصح قصده في المخلوق حقيقة ، ولكن لا يوفق العبد له الا بإعانته تعالى ، وهكذا سائر الأمور.
والغرض من التفصيل بيان ما يصح إطلاقه عليه تعالى مما لا يصح ، وليس في غير الله الاحتراز عما يلزمه التنزيه ، وهو مخلوق لا ينفك عن النقائص والحاجة مهما كان نوعه.
ومعنى توقيفية الأسماء : أنها موقوفة (٤) ، حتى يصحبها دليل من الشرع والعقل السليم على التنزيه عن النقائص والحاجة ، والذي جاء في دعاء الجوشن الكبير ألف اسم (٥). وفي عدد الأسماء الحسنى أو أسماء الله تعالى على الإطلاق بين أهلها خلاف ، والبحث مشبع في محله (٦) ، وتقدم من الأحاديث فيها.
__________________
١ ـ أي صارت وجوه معاني السلام أربعة وهي الأمان من الشر و ......
٢ ـ المؤمنون : ١١٦.
٣ ـ يونس : ٨٢.
٤ ـ فلا يقال لله : ( يا صحيح ) مع أن السلام في اللغة قد جاء تفسيره بالصحة والعافية.
٥ ـ البحار : ٩٤ | ٣٨٤ ـ ٣٩٧.
٦ ـ البحار : ٩٣ | ٢٣٦ ـ ٢٧٣.