من الملائكة فقل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فسلم عليهم ، فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، فلما رجع إلى ربه عزّ وجلّ قال له ربه تبارك وتعالى : هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة » (١).
قال السيد الطباطبائي :
الأمم والأقوام على اختلافهم في الحضارة ، والتوحش ، والتقدم ، والتأخر لا تخلو في مجتمعاتهم من تحية يتعارفونها عند الملافاة الملاقاة البعض البعض ، على أقسامها وأنواعها ، من الإشارة بالرأس ، واليد ، ورفع القلانس وغير ذلك ، وهي مختلفة باختلاف العوامل المختلفة العاملة في مجتمعاتهم.
أنت إذا تأملت هذه التحيات الدائرة بين الأمم على اختلافها وعلى اختلافهم ، وجدتها حاكية مشيرة إلى نوع من الخضوع ، والهوان ، والتذلل ، يُبديه الداني للعالي ، والوضيع للشريف ، والمطيع لمطاعه ، والعبد لمولاه ، وبالجملة تكشف عن رسم الاستعباد الذي لم يزل رائجاً بين الأمم في أعصار الهمجية فما دونها ، وإن اختلفت ألوانه ، ولذلك ما نرى أن هذه التحية تبدأ من المطيع وتنتهي إلى المطاع ، وتشرع من الداني الوضيع وتختتم في العالي الشريف ، فهي من ثمرات الوثنّية التي ترتضع من ثدي الاستعباد.
والإسلام ـ كما تعلم ـ أكبر همه إمحاء الوثنية وكل رسم من الرسوم ينتهي إليها ، ويتولد منها ، ولذلك أخذ لهذا الشأن طريقة سوية ، وسنة مقابلة لسنة الوثنية ، ورسم الاستعباد ، وهو إلقاء السلام الذي هو ينحو أمن المسلم عليه من التعدي عليه (٢) ، ودحض حريته الفطرية الإنسانية الموهوبة له ؛ فإن
__________________
١ ـ الوسائل ٨ | ٤٤٤.
والنبوي : « ... إذا أتيت قوماً من المسلمين فقل : السلام عليكم ورحمة الله » كنز العمال ٩ | ١١٨ ، رقم الحديث ٢٥٢٧١.
٢ ـ ومن ثم جاء « ... وإذا قل سلام المؤمنين بعضهم على بعض ظهرت العداوة والبغضاء في قلوبهم » جامع الأحاديث ١٥ | ٥٨٥.